الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

تقسيم العراق بين أفخاخ السياسة وجشع الشركات آليات التقسيم بين أفخاخ السياسة وجشع الشركات مشاريع وتوصيات تقسيم العراق

تقسيم العراق بين أفخاخ السياسة وجشع الشركات
 
آليات التقسيم بين أفخاخ السياسة وجشع الشركات
مشاريع  وتوصيات تقسيم العراق
 
استخدمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة سياسية القضم الجيوبوليتيكي للعراق وأساليب "التقطيع الناعم بتغليب الهويات الفرعية الطائفية والاثنية على الهوية الأساسية الوطنية وبرز جليا عبر هندسة المشهد السياسي ما بعد الغزو2003, وكذلك استخدمت أساليب التقطيع الصلب عبر الكانتونات الخرسانية الكونكريتية وتقطيع مدن بغداد وأحيائها وتغليب الألوان الطائفية عليها, وشهد العراق مؤخرا تجسيدا لهذه الفلسفة عبر الإخراج الحكومي والبرلماني والجمهوري لشكل العملية القادمة للسنوات الأربع القادمة, وبرز الفكر الانفصالي للأحزاب الكردية جليا بعد مطالب "حق تقري المصير" للشعب الكردي خصوصا بعد تكامل العامل العسكري لديهم حيث تم تشكيل مجلس امن كردي سمي بمجلس "الاسايش" وتوحيد المليشيات الكردية تحت يافطة واحدة وبمعدل ثماني فرق قتالية, إضافة لعامل التكامل السياسي المتمثل في برلمان كردي وحكومة كردية في شمال العراق وحضور خارجي مدعوم قنصليات منتشرة خارج العراق, وبالرغم من حصول الأحزاب الكردية على أكثر من الاستحقاق الانتخابي, حيث تمكنت الأحزاب الكردية الانفصالية من توريث منصب رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية العراقية ونواب لرئيس الحكومة والبرلمان مع أن رئيس الإقليم الشمالي كردي وليس له نواب عرب ورئيس الحكومة كردي وليس له نواب عرب, ولا يوجد وزير عربي او سياسي عربي في شمال العراق, ومما يساهم في نشر ثقافة الانفصال والتعصب القومي, وقد نشا جيل حديث لا يرتبط بجذوره الوطنية العراقية خصوصا أن التغذية الثقافية الكردية هناك ذات منحى قومي متعصب وكثيرا منهم لا يعرفون اللغة العربية, وتسعى تلك الأحزاب لابتلاع كركوك الغنية بالنفط والتي تشكل 4% من احتياط العالم  حيث جرى تكريدها وبشكل بشع بعد غزو العراق , وكعامل الانفصال الاقتصادي, , ويجد الكثير من الباحثين والكتاب الأمريكان أن برميل البارود القادم هو الاحتراب الكردي العربي, وهو إيحاء وهيكلة للعقول ببدء تقسيم العراق فعليا وعلى اثر أحداث دراماتيكية او إشعال حرب عربية كردية, كما يجري في السودان وعلى أثرها يجري العمل على تقسيم العراق عموديا شمال كردي ووسط وجنوب عربي, و أفقيا دويلات متعددة البصرة, الانبار, دولة بابل, دولة الحوزة الشيعية في النجف وكربلاء, دولة الجنوب, او حسب المخططات الأولية ثلاث دويلات طائفية واثنيه.

آليات التقسيم بين أفخاخ السياسة وجشع الشركات

عملت الدوائر الأمريكية والإسرائيلية ودول إقليمية وعربية أخرى, على تمرير مشروع تقسيم العراق ,والذي سيطال المنطقة بالكامل بدء من السودان مرورا بالعراق واليمن كمرحلة أولى, لقد تعاقد دوائر الـ سي أي إيه مع  68 شخصية من ذوي الأصول العراقية قبل غزو العراق لعمل كمتعهدين سياسيين تحت عنوان سياسي او مختص او مستشار, وجميعهم الآن في سدة السلطة في العراق , وقد أطفت عليهم الوشاح الرسمي بغية تطبيق مخطط التقسيم الطائفي والعرقي, وقد مكنتها من السيطرة على مقدرات العراق الشكلية لخلق بيئة صراع طائفي وعرقي يقود إلى تقسيم العراق , وقد ارتكبت تلك الطبقة جرائم  تقتيل وتهجير بحق الشعب العراقي منظم لتدمير البني التحتي العراقية, وجرى تصفية للعلماء واستهدفت الطبقة الوسطى التي كانت تدير شؤون العراق المؤسساتية لغرض تمرير برنامج "مدرسة شيكاغو" الذي يعمل وفق عقيدة "مليتن فريدمان" والذي يعمل على خصخصة أصول الدولة العراقية بالكامل للشركات وقد طبق هذا المنهج الدموي المأساوي في أمريكا الجنوبية وروسيا وبولندا ودول آسيا "النمور الآسيوية" وجميع تلك التجارب خلقت ملايين الجياع والبطالة والمهجرين والقتلة والمعتقلين, وينص هذا المنهج على رفع القيود الضريبية والارتباط بالسوق الحرة , ورفع الدعم الحكومي عن المجتمع العراقي وهذا ما جري بالضبط ضمن فلسفة "الصدمة الكهربائية لبيع الدولة, وبذلك يجد المواطن العراقي نفسه بلا تاريخ وبلا مستقبل, وجرى بالفعل تصفير مقومات الدولة القوية الموحدة, وتهيئة مناخ تقسيم , وفسحت المجال للمليشيات الإجرامية الطائفية والعرقية بمسك مفاصل سياسية وتنفيذية , واطفت عليها الشرعية السياسية والقانونية  , علما أن عناصرها كانوا خارجين عن القانون من اللصوص وقطاع الطرق والمرتزقة ومنفذي العمليات الإرهابية ضد الشعب العراقي,وأحكمت تلك التطبيقات عبر منظومة قوانين أصدرها موظف الخارجية "برايمر" الذي لا يمتلك خبرة في إدارة شؤون وزارة وكلف بهيكلة دولة العراق وخصخصة جميع أصولها ونهب ثرواتها المخصصة في مذكرة التفاهم والبالغة 12 مليار دولار لا يزال تبويبها مبهم؟ وكانت أبرز القوانين لهيكلة الدولة هي – اجتثاث الطبقة الوسطى وتحطيمها- حل القوات المسلحة العراقية– تشكيل المحاكم الخاصة -تشكيل مجلس الحكم  وفق التركيبة الطائفية والعرقية–الدستور- قانون مكافحة الإرهاب –دمج المليشيات في القوات المسلحة..الخ , وهذه ركائز أساسية لتقسيم العراق واستنزاف قدراته وخصخصته للشركات , نعم هذا وجه الاستعمار المعاصر , والذي بات العراق في شرك أفخاخه التي لا ترحم وتقود العراق إلى التفكيك السياسي .

مشاريع  وتوصيات تقسيم العراق

1.             نشرت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون الوثيقة( 16) وهي خطط أعادة هيكلية الشرق الأوسط وثيقة لـ "رالف بيتر" 2006,تقرير نشرته مجلة"القوت المسلحة الأمريكية في عددها لشهر تموز 2006 والذي يرسم مستقبلا للمنطقة ويقوم على إعادة هيكلة الشرق الأوسط وهو عنوان التقرير المنشور, ويتطرق فيه إلى تقسيم العراق وسورية وإيران السعودية إلى دويلات طائفية متنازعة وابتلاع الكويت والبحرين وقطر,وبذلك تحافظ إسرائيل على سيطرتها على جميع الأراضي العربية , ليكون السلام قائما على أساس قوة الردع الإسرائيلية من ناحية , وتمزيق دول المنطقة وفق سياسة التقطيع الناعم من ناحية أخرى, والتقرير الذي أعده الخبير "رالف بيتر" العقيد المتقاعد في الجيش الأمريكي يعبر عن رؤية المحافظين الجدد في أمريكا, وقد نشرت خريطة تشير لإعادة رسم الشرق الأوسط الجديد, ويشير فيها إلى دولة كردستان الكبرى, والتي تضم محافظات شمال العراق الثلاث إضافة إلى محافظة كركوك النفطية , وجزء من محافظات الموصل وديالى واقتطاع مناطق من سورية وإيران وتركيا وأرمينيا وأذربيجان ويتم هذا بدعوى "رد حقوق الأقليات التي هضمت تاريخيا" وطبعا هي جزء من مخطط أعادة هيكلية الشرق الأوسط وهنا تبرز النزعة العسكرية في الفكر السياسي الأمريكي, ولعل إنشاء قوة مشتركة عراقية أمريكية كردية خير دليل على ملامح التقسيم.
2.             دعا نائب الرئيس الأمريكي "جوزيف بايدن  Joseph Biden "  عندما كان سيناتور للحزب الديمقراطي  عن ولاية "ديلاوير"– و"لزلي جليب Leslie "Gelb  الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية CFR في أوائل مايس من عام2007, إلي تقسيم العراق لثلاث مناطق كردية وسنية وشيعية[1], وتتمتع كل منهما بالحكم الذاتي .
3.             أصدر مركز "سابان" بمعهد "بروكينغز" للدراسات السياسية والإستراتيجية بواشنطن نهاية عام 2008 دراسة بعنوان" حالة التقسيم السهل للعراق" The Case of soft Partition in Iraq "  وضعت توصيات لتطبيق مشروع تقسيم العراق وفق الفدراليات الطائفية والعرقية في العراق, ونسب النجاح المتحققة مقارنة بالوضع الحالي , وما تحقق منه , إلي جانب توصيات للتغلب على الصعوبات التي ستواجه الأطراف المختلفة إذا تم تطبيق هذا الخيار الذي أطلقت عليه الدراسة تسمية  " الخطة ب"  Plan B, واعد الدراسة كل من "جوزيف ادوار"   باحث زائر بمعهد "بروكينغز" حيث عمل مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بمنطقة "البلقان" وشاركه الباحث المتخصص في شئون الأمن القومي الأمريكي بمعهد "بروكينغز" "مايكل هان لون"  حيث عمل مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في دول مختلفة[2].
4.             تصريحات لوزير الأمن الإسرائيلي عام 2008 في محاضرة بمعهد الأمن الإسرائيلي بدعمهم لإقامة دولة كردية شمال العراق.
5.             فقاعات مختلفة تقف خلفها دول إقليمية لطرح انفصال أقاليم البصرة والنجف والانبار عن العراق تمهيدا لتكون دويلات خصوصا أن الحكومات المحلية هي الأخرى تطبيع للانفصال وتمهيد للتقسيم.

يقف العراق اليوم في منطقة رمادية تقود طوعا لتقسيمه ,خصوصا بعد تطبيقات فلسفة "محو العراق" الأمريكية التي عملت على تفكيك العراق سياسيا وتفتيت ديموغرافيته وتغليب الهويات الفرعية الطائفية والاثنية والحزبية على الهوية العراقية الوطنية, وشياع ظواهر الصدمة الاقتصادية عبر عسكرة الشارع العراقي وتحويل جميع بقعه إلى مشاريع تجارية مربحة للشركات, وأضحت تلك الشركات تصنع الإرهاب وتتاجر بالأمن, لتربح عقود مالية مخيفة في الدراسات والإعلام والسجن والتحقيق والتجهيزات والأسلحة والالكترونيات والسيارات والفضاء وغيرها, وبذلك قد خصخصت جميع أصول الدولة العراقية وبات تطبيق منهجية الحكومة الفارغة أمر واقعيا لامناص منه, ولعل منهجية تقسيم العالم العربي ستكون على شكل دويلات دينية وطائفية واثنيه, وسيكون مثلث العراق السودان اليمن  كمرحلة أولى وابتداء من السودان , والتي تساهم دول عربية في تمرير مخططات تقسيمه إلى أربع دويلات وكذلك اليمن, ولعل العراق قاوم هذا المخطط ولكن الضغط سيولد الانفجار وعسى الانفجار سيحافظ على وحدة العراق.

الإرادة العراقية الصلبة تدحض أي مخطط أجنبي هجين



[1] . مشروع بايدن- جليب لتقسيم العراق بجعل بغداد مدينة دولية مستقلة حيث سيؤدي هذا الطرح إلي مزيد من عدم الاستقرار خاصة أن ثلثي عمليات النزوح حدثت في بغداد, وبالتالي لابد أن تكون العاصمة العراقية بغداد جزء من علمية التقسيم وذلك على الرغم من أن الدستور العراقي الحالي يحول دون انضمام بغداد إلي أي إقليم في حالة حدوث تقسيم إلا أن البدء في تنفيذ هذا المشروع يحتاج إلي العديد من الاستعدادات منها أجراء عمليات مراجعة وتعديل لمواد الدستور كي تسهل عملية التقسيم.

[2] . تقترح الدراسة انه ينبغي عقب عملية التقسيم تأسيس نظام جديد لإصدار بطاقات هوية خاصة بكل إقليم يتم التحقق منها عن طريق وضع نقاط تفتيش على حدود كل إقليم يتم تدعيمها البيانات الكاملة حول المواطنين في جميع أنحاء العراق وذلك لمحاصرة العناصر المتطرفة وتتوقع الدراسة التكلفة التقديرية لهذا النظام بمليار دولار وهنا تطرح الدراسة سؤال هام حول حجم القوات المطلوبة خلال تنفيذ تطبيق عملية التقسيم خاصة أن هذه المرحلة حساسة للغاية، الباحثين قدرا حجم القوات بحوالي 300 ألف إلا أن هذه المرة على قوات التحالف أن تعد خططا جديدة للانتشار حيث أن الخطط الحالية لها أغراض مختلفة لن تناسب المهمة التي ستقوم بها قوات التحالف في مرحلة التقسيم حيث سترتكز على حراسة الحدود بين الأقاليم الثلاث وكذلك نقاط التفتيش ألي جانب تأمين المنطقة الخضراء وتشير الدراسة ألي أن فكرة تقليل حجم القوات الأجنبية في العراق غير واردة إذا تم تنفيذ خطة التقسيم وذلك على الأقل لفترة انتقالية من 12 ألي 18 شهر, تعليق أن أعادة الانتشار التي جرت قبل أسابيع وزيادة عدد القوات كما أعلن وزير الدفاع غيتس هي احد توصيات هذه الدراسة.
--------------------
مركز صقر للدراسات الإستراتيجية
 
27-12-2010

الأحد، 19 ديسمبر 2010

الطعن وحده لا يكفى

 الطعن وحده لا يكفى
محمد سيف الدولة

·   جرت العادة في الانتخابات السابقات على الاكتفاء بتقديم الطعون أمام مجلس الدولة قبل الانتخابات ، وأمام محكمة النقض أو المحكمة الدستورية  بعدها .
·       وجرت العادة ان يرفض القائمون على مجلس الشعب الاعتداد بهذه الأحكام بحجة ان المجلس سيد قراره .
·   و حتى فى الحالات التى حكمت فيها المحكمة الدستورية ببطلان المجلس ، فإن الدستور لم يكن قد تم تعديله بعد بالطريقة المخزية التى تمت فى 26 مارس 2007 .
·   وحتى لو حكمت الدستورية هذه المرة أيضا بالبطلان ، فسيلجئون مرة أخرى الى حيلة التعديلات الدستورية ، ليُفَصِّلون المزيد من مواده على مقاس الإجراءات الانتخابية التى يريدونها .
·   وستمر الحكاية وكأن شيئا لم يكن . وتهدأ ثورة الغضب ، وتنشغل الناس بمشاكل وقضايا جديدة ، وتمر الجريمة بدون عقاب .
·       صحيح أن هذه الطعون ضرورية كخطوة لإثبات وقوع جريمة التزوير ، ولحل المجلس الباطل اذا تيسر .
·       ولكن سيظل سلاح التزوير مصلتا على رقابنا فى كل انتخابات قادمة .
·       لذا يتوجب هذه المرة إضافة إجراء جديد لمقاومة هذه الجريمة ، وهو الملاحقة الجنائية للمزورين .
* * *
و قانون العقوبات المصرى غنى بالنصوص المعنية بهذا الشأن ، والتى تصل فى بعض أحكامها الى الأشغال الشاقة المؤقتة ، والتى تسرى فى وجه كل من :
·   كل من زور بنفسه او شارك حرض او ساعد فى ارتكاب هذه الجريمة سواء كان موظفا عموميا او شخصا عاديا .
·       وكل من استفاد بنتائج التزوير .
·       وكل من استعمل المحررات المزورة وهو يعلم بتزويرها .
·       وكل من علم بالجريمة وبمرتكبيه ولم يبلغ السلطات .
·       وكل من ارهب الناس للتأثير على سير العملية الانتخابية .
كل هؤلاء مُجَرَّمون بموجب القانون ، و يستوجب توقيع العقوبة عليهم .
وبتطبيق هذا التوصيف على الانتخابات الأخيرة ، فاننا سنجد لدينا قوائم طويلة وعريضة تستوجب الملاحقة ، قوائم محددة بالاسم والصفة وطبيعة المساهمة فى الجريمة .
* * *
·   وبالتالى مطلوب من كل الناس الطيبين الذىن شاركوا فى الانتخابات الأخيرة سواء كانوا من المرشحين او الناخبين ، والذين شاهدوا فى لجانهم المختلفة ، تفاصيل الجريمة وكل من ارتكبها ...
مطلوب منهم أن يبادروا بتقديم بلاغات الى النائب العام ضد هؤلاء المزورين بالاسم والصفة ، أيا كانت وظائفهم او مناصبهم او جهات عملهم .
·   فاذا تعذر على البعض منهم تقديم الأدلة والبراهين اللازمة لإثبات الجريمة ، فان هناك مئات الحالات المرصودة والمسجلة صوت وصورة ومتداولة بين الجميع . وهناك المئات من الشهود الشرفاء على استعداد للشهادة .
* * *
·       ولنتذكر جميعا أن جريمة التزوير هى وجرائم التعذيب وجرائم الحرب والابادة ، كلها من فصيلة واحدة .
·       فكل منها تمثل اعتداء على وجود و أمان الإنسان بشكل أو بآخر .
·       وان كان التعذيب يهدف الى كسر وإعدام إرادة الضحية ، فان التزوير يغتصب ويعدم إرادة شعب بكامله .
·   وان كانت حروب الإبادة تهدف الى القضاء على حياة البشر ، فان التزوير يقضى على وجودهم الدستورى وعلى دورهم فى صناعة مستقبلهم .
* * *
·   ولقد كان المجتمع الانسانى والجمعيات الحقوقية قد نجحوا فى السنوات الأخيرة فى تحقيق تقدما كبيرا فى ملاحقة مجرمي التعذيب و مجرمي الحروب ، الى درجة ان الكثير منهم أصبح عرضة للاعتقال والتوقيف فى عدد من بلدان العالم بموجب أحكام إدانة صادرة ضدهم من محاكم محلية .
·       فلماذا لا نلجأ الى تطبيق ذات الوسائل القانونية على جرائم ومجرمى التزوير .
·   فان نجحنا فى استصدار ولو حكما واحدا بإدانة أيا منهم ، فسيرتدع الكثيرون فى المستقبل ، بما يحد ويقلص من حالة الفجاجة والفجور التى مورست بها هذه الجريمة فى الانتخابات الأخيرة .
·       و أظن انه ببعض الجهد والمثابرة والحرفية قد نستطيع ، باذن الله ، استصدار أحكاما كثيرة مماثلة .
·       وليست هذه بالطبع هى المعركة الوحيدة التى يجب أن نخوضها الآن .
·       ولكنها تبقى معركة رئيسية وضرورية .
* * * * *
القاهرة فى 15 ديسمبر 2010
موضوعات مرتبطة :

قامت وزارة الصحه باستقدام الطبيب مصطفى من مصر الشقيقه


 






السبت، 18 ديسمبر 2010

في سيكولوجيا النفاق وخصائص" المؤمن الفاسد "

في سيكولوجيا النفاق وخصائص" المؤمن الفاسد "
مدخل مفاهيمي مع إشارات على مستوى الأفراد والدولة 
" يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب "
                                                 علي بن أبي طالب(ع)

 
د.عامر صالح 
يستشري النفاق وازدواجية الأخلاق في التعامل اليومي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ويشكل بدوره عائقا كبيرا يهدد صفاء العلاقات الاجتماعية وحسن المعاملة والصدق مع الناس, كما ينخر بجسد المجتمع أفرادا ومؤسسات ودوائر ومنظمات حكومية ومنظمات شعبية ليلقي بظلاله السيئ على كل المنظومة القيمية مهددا مجتمعاتنا بمزيد من التدهور الأخلاقي والاجتماعي, حيث يضيق هامش الممارسة الصادقة الذي يبعث على الأمل في المستقبل, ويشد الناس إلى الإخاء والمودة ودماثة الخلق وحسن المعاشرة, ويرسخ منطق العدالة الاجتماعية في التعامل اليومي.
وإذ نشير هنا إلى مفهوم "المؤمن الفاسد" فلا نعني به حصرا فقط على المؤمن الذي يعتنق إحدى الديانات السماوية أو غير السماوية ويبتعد عنها في الممارسة العملية, بل تشمل أيضا كل ما يعتنقه الفرد من أفكار ومعتقدات وإيديولوجيات سياسية ذات طبيعة أخلاقية واجتماعية واقتصادية ايجابية إلى حد ما استنادا إلى معاييرها المعلنة في الخطاب النظري, ولكنه في الممارسة العملية والحياتية يتصرف ويصوغ سلوكياته الفردية وحتى السياسية بالضد من هذا الخطاب, فيتحول هذا الفرد إلى " مؤمن فاسد " يعث في الأرض فسادا وظلما وجورا, متسلحا بتفسيرات ذاتية ومصلحيه للخطاب المعلن لإشباع رغباته الشخصية بما فيها القتل وفساد الأخلاق وحرمان الآخرين من حقوقهم, مستندا إلى سلطة ما " دينية, أو سياسية, أو اجتماعية أو مالية وغيرها " كغطاء تسمح له بذلك, ولذلك فأن المؤمن الفاسد ليست فقط من خرج عن دينه, وان كان الخروج عن الدين هو الفساد الأعظم كما هو شائع شعبيا, وبهذا قد يكون المؤمن الفاسد هو من المتدينين بلباس الدين وطوائفه, أو من دعاة القومية أو الوطنية وغيرها من الانتماءات !!!!.
النفاق في اللغة هو ضرب من ضروب الكذب والخداع والمكر والغش والرياء, وفيه يظهر المرء خلاف ما يبطن, أي إظهار المرء خلافا لما هو عليه في داخله, فهو يكتم أو يخفي شيئا ويظهر شيئا آخر, فينطوي موقفه على شيء من النفاق, والعمل ألنفاقي المتسم بالنفاق والدال عليه حين يقف المرء موقف نفاقي, فالمنافق يظهر خلافا لما يضمر أو خلافا لما هو عليه في واقع الحال, ويجب الحذر من المنافق وعدم تصديقه, والمنافق في الدين هو من يخفي الكفر ويظهر الإيمان ويتظاهر بالتقوى والورع والتدين, ولعل غزارة النصوص القرآنية حول النفاق والمنافقين ما يشير إلى خطورة هذه الظاهرة , فعلى سبيل المثال لا الحصر, وفي (سورة المنافقين: 4)  قال تعالى :( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإذا يقولوا نسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فأحذرهم قاتلهم الله أنى بؤفكون ), وكما قال النبي محمد(ص) : ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد اخلف, وإذا اؤتمن خان), ولم يخلو دينا سماويا أو غير سماوي من إدانة للنفاق وممارسيه باعتباره سلوكا منبوذ اجتماعيا وأخلاقيا رفضته البشرية عبر مسيرتها الطويلة بعد إن ودع الفرد الغابة ودخل المجتمع الإنساني, والمنافق في الدين يظهر خلافا لما يبطن, كالسياسي المنافق, أو الشخص المرائي والمخادع والكاذب والذي يتظاهر على خلاف ما في باطنه. 
ولعل ابرز ملامح الشخصية المنافقة هو: القدرة على المراوغة والتحايل والتقلب في المواقف, التشبث في الخطاب الديني أو السياسي أو الاجتماعي لإسناد تصرفاته المختلفة, الكذب المتواصل في الحديث وفي العلاقات الاجتماعية, خيانة الأمانة, الإخلاف في المواعيد, التحكم في الانفعالات وإظهار نقيضها بما يبعد عنه تهمة النفاق, يحاول المنافق الاهتمام بالمظهر الخارجي كجزء من سيكولوجيا الظهور لاختراق الوسط الاجتماعي الذي يتواجد فيه مقرونا بحلاوة اللسان وإجادة لغة الجسد كتعبيرات الوجه وحركات اليدين وغيرها من الصفات والصفات المضادة ذات الطابع التمويهي . وهناك الكثير من الإدانة للمنافق في الموروث الثقافي الشعبي وتأكيد خطورته, فعلى مستوى الإدانة, عندما تسأل شخصا, ما هو الفرق بين الكلب والمنافق فأن الجواب يكون : أن ذيل الكلب في أعلى " مؤخرته ", وذيل المنافق في أعلى مقدمته "لسانه ", أما على مستوى خطورة المنافق فيقال : أن أفعى لسعت " منافقا "فتسممت...وماتت !!!!!. 
أما النفاق في علم النفس فهو قد يكون صفة متلازمة من صفات شخصية الفرد وقد يطلق النفاق على حال ممارسته, وقد يشير إلى الفعل أو السلوك الذي يظهر فيه الفرد خلافا لما يبطن بداخله بمعنى التظاهر الكاذب بالفضيلة والتمسك في الدين, أو بأيديولوجية سياسية, أو بانتماء قومي أو وطني. وفي علم النفس هناك العديد من الحيل الدفاعية اللاشعورية يمارسها الإنسان لحماية نفسه من الشعور القاسي بالقلق والانزعاج, وهذه الحيل أو العمليات العقلية اللاشعورية كثيرة ومتعددة منها : الإسقاط والتبرير والتقمص أو التوحد والإزاحة العكسية والإبطال والإنكار والنسيان والإبدال والسلبية والرمزية والتقدير المثالي والتعميم والأحلام والعدوان والكبت والنكوص" أي العودة إلى الوراء إلى مراحل نمو سبق للإنسان إن تخطاها. 
والنفاق هنا ينطبق على إحدى هذه العمليات العقلية أو الحيل الدفاعية اللاشعورية المسماة بتكوين ردة الفعل" التكوين العكسي " حيث يظهر فيها الإنسان خلافا لما يبطن, حيث يتظاهر الشخص الملحد بالتدين الشديد, والرجل شديد  البخل يتظاهر بالكرم الشديد, والموظف المرتشي يتظاهر بالأمانة المطلقة, والإفراط في الاحتشام كرد فعل لرغبات جنسية مكبوتة, ومهاجمة التفكير الخرافي كرد وتكوين عكسي للأيمان به, والإفراط في الحب كتكوين عكسي للكراهية الشديدة, والإفراط في الضحك نرد فعل عكسي لمصيبة ما, وان هذه الآليات تبدو منطقية بمقدار, ولكنها تشكل ابرز ملامح "شخصية المؤمن الفاسد " عندما تشكل السمة الغالبة والطاغية في سلوكه اليومي !!!!.
أما بالنسبة للنفاق عند كلا الجنسين فيعتقد, وخاصة في مجتمعاتنا أن النفاق لدى الرجال هو أكثر شراسة منه لدى النساء بفعل اتساع نطاق دائرة التفاعل الاجتماعي لدى الرجال من خلال انخراطهم الواسع في المؤسسات الدينية من جوامع ومساجد وغيرها وفي الأحزاب السياسية وفي أجهزة الدولة وفي المنظمات الرسمية والشعبية وفي المحافل الدولية والإقليمية, وما تحمله هذه التجمعات والمساهمات من مخاطر ذات صلة وثيقة بأمن العالم والأوطان واستقرارها وسلامتها, وتشكل بحد ذاتها فرصا كبيرة "للمؤمن الفاسد" أن يعبر عن قدراته الاستثنائية في المساس بالقيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والوطنية وتعريض امن البلدان وسلامتها الداخلية والخارجية إلى الانهيار !!!!.

أما بالنسبة للنساء وبحكم محدودية وضيق فرص التفاعل الاجتماعي الناتجة من عدم المساهمة في الحياة العامة, فأن النفاق لديها ينحصر غالبا في الدوائر الاجتماعية الصغرى, أي إلى اقرب حلقات التفاعل الاجتماعي لديها: الأهل والأسرة والأقارب أو الأصدقاء, والنفاق هنا عادة ما يكون معبرا عن حالات العزلة الاجتماعية وخاصة عند حبيسات الدار أو المطبخ, وهنا يكون دور " المؤمن الفاسد ـ المرأة " لا يتجاوز تخريب العلاقات الاجتماعية في دوائرها الأقرب في محاولة فاشلة لتأكيد الذات واختراق العزلة التي تعاني منها, ولكن هنا لا نستهن وللأسباب المذكورة بإمكانيات " المؤمن الفاسد ـ المرأة " بانتحال أكثر من شخصية وبأدوار دقيقة جدا تتجاوز حدود النفاق المتعارف عليه لتندمج مع المفهوم النفسي لازدواجية الشخصية , أو ما يطلق عليه اليوم " باضطراب الهوية الانشطاري " والذي يستطيع صاحبه بإجادة أكثر من دور وبإتقان, من مصلحة اجتماعية وواعظة إلى مخربة للعلاقات الاجتماعية إلى راقصة حسناء, إلى إمكانيات أخرى تفوق قدرة موقع "ويكليكس" الالكتروني في فضح الأسرار الخاصة والتشهير وغيره من الأدوار السلبية منها والايجابية ذات الطبيعة الازدواجية, ولكنها تبقى محدودة التأثير وليست بذات الأهمية والخطورة قياسا بما يفعله المؤمن الفاسد ـ الرجل !!!!.
أن "المؤمن الفاسد" فردا كان أم دولة أم كيان سياسي حين يفقد المرجعية بأهمية الخطاب الأخلاقي والديني والسياسي في العلاقات المحيطة بة وفي الأحداث الجارية يتحول إلى كيان مراوغ يفتقد إلى ابسط مقومات الأخلاق في السياسة وفي الدين وفي السلوك العملي ويتحول إلى كيان بهيمي ينشد المصلحة الذاتية والغريزية ويبتعد كل البعد عن منطق العقل وتكون صلته بعالم الغابة أكثر من صلته بعالم الإنسان وطموحاته ومستقبله, ويلهث وراء تبريرات لسلوكه, وهكذا يكون "المؤمن الفاسد" بمثابة القوة المدمرة لكل المنظومة الأخلاقية في السياسة والسلوك !!!.
وينخرط " المؤمن الفاسد " في منظومة الفساد المجتمعية: الاقتصادية, والإدارية والمالية, والاجتماعية, والأخلاقية, والثقافية وحتى الدينية وغيرها من منظومات الفساد المختلفة, عبر مختلف أعراض ومظاهر الفساد وأساليبه وألوانه المختلفة, من محسوبية ومنسوبيه, وبيروقراطية إدارية, واستغلال المنصب العام, والغش والتزوير, والنصب والتحايل وسرقة المال العام, والفساد الأخلاقي والقيمي وتغير معالم الثقافة الوطنية ورموزها والتجاوز على الرموز الدينية والإخلال بسمعتها.
وإذا كان " المؤمن الفاسد " ذو الأطر الإيديولوجية والسياسية غير الدينية يخضع بعض الشيء إلى عمليات تعديل السلوك الناتج من ضغوطات دوائر الانتماء الصغيرة المطابقة لعقيدته والاستجابة لضغوط القيم الوضعية والمتمثلة بقيم الحياة, من حياء واحترام للعلاقات الاجتماعية, فقد يبدو خجولا ومتئنبا في بعض من ممارساته, إلا إن " المؤمن الفاسد " والمتلبس بلباس الدين لا يعبه كثيرا بدائرة علاقاته القريبة, بل يسعى جاهدا لإضفاء الشرعية الدينية على فساده المالي والأخلاقي وغيره من مظاهر الفساد عبر البحث عن واسطة " مطمئنة " بينه وبين السماء, ويلجأ هنا إلى مرجعياته ومشايخه الدينية لانتزاع الفتاوى المبنية على تفسيرات تلوي عنق الحقيقة لمصلحة استمرار النفاق والفساد وإعادة توليده ونشره " كقيمة عليا " وكبديل عن قيم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة, بل الكثير منهم يحصل بعد تزكية ماله الحرام " دفع الزكاة " لمرجعيته على اعتراف من سلطته الدينية بأنه من  " الخواص ", وبالتالي له الحق في  العبث بالمال العام أينما وجد وسبي أعراض العوام وانتهاك حرمتهم, وتنتشر في وسط هؤلاء ظاهرة الفساد الأخلاقي المتمثلة "بالزواج المؤقت" والتي أصبحت مخاطر أمراضه الجنسية تنتشر على نطاق واسع كما هو الحال في العراق وإيران وغيره من البلدان, وهي في جوهرها علاقات شاذة وغير متكافئة بين طرفين, احدهما قوي يمتلك السلطة والمال أو المال بمفرده وهو الرجل, وبين طرف آخر مستضعف لا حول ولا قوة له وهو المرأة والتي قد تكون معوزة أو أرملة أو تعيل بمفردها أسرة كبيرة فتضطر لبيع جسدها مؤقتا بواجهات "دينية أو شرعية" أو ما يسميه آية الله شريعتمداري "بالدعارة المشرعنة" , وإذا علم " المؤمن الفاسد " إن أخته أو احد أقاربه تمارس" الزيجة المؤقتة " كالمتعة مثلا فأنه لا يتوانى لحظة واحدة عن الانتقام والثأر لعرضه وشرفه مطبقا حد الزنا كما ورد في النص القرآني في سورة النور الآية 2 " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولاتخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " ولكن من يجلد من ؟؟؟؟. 

أما "المؤمن الفاسد" المتواجد خارج الحدود وخاصة في دول المهجر في الشمال الأوربي وغيره, حيث ينعم بالأمن والصحة والتعليم والضمان الاجتماعي والسكن المريح وحرية التنقل والحركة وحرية الفكر والتعبير كيفما يشاء, فهو يقف على رأس قائمة الفساد الرسمي أو ما يسمى "بالقائمة السوداء"فهو مدان للدولة المضيفة جراء عمليات النصب والاحتيال والتلاعب بالمال العام أو الهروب من دفع الضرائب العامة, وهو كالعادة يستمد براءة الذمة من مرجعيته الدينية في الوطن الأم بفتوى تخلي سبيله أمام الله " ذبه برأس عالم واطلع منها سالم ", أما أمام الوطن أو الدولة المضيفة أو القانون فليست مشكلة .... تحياتي للحرامي !!!!!.  ويتجمع ويقيم المؤمن الفاسد مع أقرانه من ذات الصبغة في دول المهجر في الأحياء البائسة والمهملة والمكتظة وذات الطبيعة المغلقة وصعبة الاختراق, حيث يشكلون تجمعات لمافيا في الفساد المالي والأخلاقي وارتكاب الجرائم المختلفة, وتجري كل هذه السلوكيات بتغطية واسعة النطاق من الفتاوى الدينية الصادرة من وسط هذه التجمعات أو الوطن الأم, وإذا جلست مع احد منهم فقد يغريك بحسن طلعته الأولى وحلو حديثه المحمل بالثقافة الببغاوية الرتيبة والمملة على خلفية حفظ الأحاديث النبوية والنصوص القرآنية وأقوال الأئمة والصحابة واجترارها دون مناسبة, ولكن سرعان ما تفاجئ بمحتواه الذي تزكم منه الأنوف !!!!.
أما بالنسبة للمشكلة الجنسية"للمؤمن الفاسد" المتواجد خارج الحدود, حيث تشغل هذه المشكلة مساحة واسعة في شخصيته أسوة بأخيه داخل الحدود, فهو" يكدح" في الشتاء القارص لينفق ماله في الصيف متنقلا في دول الجوار ومستفيدا من الفوارق في الأسعار وانخفاض مستوى العيش ومتنكرا ببريد الكتروني ليست باسمه, فيبدوا رحيما طيب القلب عطوفا على النساء هناك, وتبدو لي هنا شدة الدافع الجنسي واتساع مساحته في شخصية " المؤمن الفاسد " هو بمثابة الميكانيزم التعويضي ذو الصفة القبلية " أو ضربة استباقية " لحرمان متوقع كما يدركه المؤمن الفاسد, حيث في "الجنة الموعودة " مع الحوريات لاغشاء بكارة ولا فترة حيض ولا هم يحزنون, ولذا تجد المؤمن الفاسد يسعى لتفريغ حمولته الجنسية في الدنيا تحسبا لقحط وجوع ينتظره في الآخرة, وهو يعلم بذلك جيدا, وهو خير العارفين !!!!!. 
أما دولة "المؤمن الفاسد" والمتوحدة مع مواطنها " المؤمن الفاسد " إن كانت بلباس ديني أو قومي أو وطني عام, فهي دولة المعتقلات والسجون والاستبداد ومصادرة الحريات الشخصية والعامة على طريق استعباد مواطنيها وتحطيم نفسيا تهم وإذلالهم, وتجري هذه الممارسات بواجهات مختلفة ومبررات وهمية, منها على سبيل المثال, إن هناك خطر خارجي قادم يهدد الأمن القومي والوطني مما يستدعي "تعبئة الجهود ومصادرة الحريات" لأنها عائق أمام ذلك, أو أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على اتجاهاتها لا يحتمل تعدد الآراء والتنوع السياسي وبالتالي فأن القمع والحد من المعارضة السياسية هو من مؤشرات نجاح التنمية وملازم لها وضمانتها الأكيدة !!!!.
أن دولة " المؤمن الفاسد " هي الدولة القمعية والدكتاتورية والتي تعتمد على إيديولوجية قومية أو وطنية أو دينية تبرر فيها كل سياساتها وتصرفاتها, وتحاول بكل جهودها ترك الانطباع لدى الشعب أن ما يجري في داخلها من إرهاب, وقمع للحريات هو خدمة للأمن العام وإنقاذ البلد من التهديدات الخارجية والداخلية, إنها الدولة الكاريزمية التي يجسدها قائد الضرورة, أو الأب القائد, أو القائد الملهم, أو حجة الإسلام والمسلمين وآية الله العظمى أو حبيب الشعب, والتي تعكس في مجملها الزعيم الأوحد قائد الحزب والدولة والمؤسسة العسكرية والمؤسسة الإعلامية وراعي السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية بدون منافس, والذي تجتمع بيده كل هذه السلطات لاستخدامها في البطش والتنكيل والقسوة عندما يقتضي الأمر وفرض حالة الطوارئ عند الحاجة أو إطلاق شيء من الحريات العامة عند الضرورة !!!!!.
ومن الضروري الإشارة هنا أن دولة " المؤمن الفاسد " ذات الصبغة القومية أو الوطنية وبفعل تمرسها عبر عقود من الزمن, واستنادا إلى خلفية نشأتها الأولى القائمة على مقارعة الاستعمار وانجاز الاستقلال الوطني حافظت بهذا القدر أو ذاك على ما يسمى " بمناطق العفة " في بعض القطاعات الاجتماعية وعدم المساس بها كليا أو إفسادها, لأن التطاول على هذه القطاعات يعني ما يعنيه إدخال الدولة والمجتمع في عنق الزجاجة بما يمهد لانهيارها كليا, ومن هذه القطاعات: التعليم بمختلف مؤسساته وخاصة الجامعي منه, والصحة, والقضاء, والإعلام والثقافة, والشرطة والمؤسسة الدينية, وهناك اتفاقا أخلاقيا قد يكون غير مكتوب في إبعاد هذه القطاعات عن النفاق والفساد ومستنقع التلوث, على أساس أن هذه القطاعات صمام أمان لأي مجتمع وحصون أخيرة يلجا إليها الجميع في اليسر والعسر, ولهذا يصبح اقتراب الفساد من " مواطن العفة"  في المجتمع ظاهرة تثير الكثير من القلق بل قد تتحول إلى زلزال يهز أركان المجتمع وانهياره, ورغم أن الدولة القومية أو الوطنية أضفت على هذه القطاعات الصبغة العقائدية لمنتسيبيها, إلا إن معايير الجودة والكفاءة والأداء ظلت تتمتع بهذا القدر أو ذاك بشيء من عوامل البقاء باعتراف المنظمات الدولية ذات العلاقة وخاصة في بداية العقود الأولى من نشأة هذه النظم !!!!!.
أما دولة " المؤمن الفاسد " والمتلبسة بلباس الدين فليست لها  " مناطق عفة محصنة " فهي تضرب كل القطاعات دون رحمة, وهي أشبه بفيروس في جسد بلا مناعة, وهذا الفيروس يتسلل إلى نواة الخلية ( نظام الحكم ومؤسساته وقطاعاته بدون استثناء) فيصيغ برامجها طبقا لاحتياجاته ثم يتسلل إلى المجتمع فينشر المرض وتتغير البرامج كلها طبقا للبرنامج الفيروسي. أن فيروس دولة " المؤمن الفاسد " يفسد عملية التقدم والتطور الاجتماعي المخطط , حيث يفتت المؤسسات اللازمة لذلك ويحولها إلى مؤسسات فئوية ترعى فئة معينة من المجتمع كما هو الحال في نظام المحاصصات الطائفية والعرقية ويعيق تشكيل مؤسسات بحثية وعلمية مستقلة خاصة بذلك؛ كما أن هذا الفيروس يعطل العملية السياسية ويعيق جهود التنمية والأعمار من خلال تعطيله لدور المعارضة الحقيقية باعتبارها تلعب دور الرقيب على الحكومة في الدول الديمقراطية المستقرة, إلا إن هذا الفيروس الذي يتكئ على خلفية نظام المحاصصة الطائفية أو التوافقية يلغي دور المعارضة الحقيقية, لأن هذه " المعارضة " لها يدا في الحكومة تحجم عن دورها الرقابي, وبالتالي يكون الصراع من اجل إفشال الحكومة وليست تقويم عملها, ويسعى الطرف الحاكم أيضا إلى التمادي وتعطيل العملية السياسية وعدم السماح للتداول السلس والسلمي للسلطة, ويدعي كل طرف هو الأفضل على خلفية التعصب والتعنت الديني والطائفي والعرقي !!!!.
أن دولة " المؤمن الفاسد " تشكل بيئة مواتية لفيروس الفساد بألوانه المختلفة وللمحسوبية والمنسوبية والولاء الحزبي الضيق, ففي دولة المحاصصة الطائفية والتوافقية كالعراق حيث يقف عالميا في قائمة الدول التي تعاني من الفساد الإداري والمالي, فأن هذا النظام هو أفضل وسيلة لترعرع ونمو الفساد, وان كان في ظاهره يبدو وكأنه ينصر أبناء طائفته ولكنه في الواقع يبقي أبناء الطائفة في فقر مدقع وتبقي الامتيازات حكرا على زعماء الطائفة وأبنائهم أو رؤساء أحزابها !!!.
أن نظام المحاصصة الطائفية والتوافقية باعتباره نموذجا لدولة " المؤمن الفاسد " يشكل عوامل طرد لاستبعاد الكفاءات العلمية والوطنية, حيث يستند في شكلياته إلى الطائفة كمعيار للانتقاء والولاء وليست معايير النزاهة والكفاءة العلمية بعيدا عن الانتماءات الضيقة, وبهذا يحرم المجتمع من الانتفاع بمواهب أفراده المختلفة والتي لا صلة لها بالانتماء الطائفي.كما يخل نظام المحاصصة بالسلم الأهلي والاجتماعي, ويخل بمبدأ المساواة بين المواطنين في الوظائف العامة ويضعف ثقة المواطن بمؤسسات الدولة من خلال تخندقه الطائفي في أطره الجغرافية, كما يضعف سياسة الدولة ووحدتها في الخارج كما يتعارض هذا النظام مع حقوق الإنسان وصيانتها والمنصوص عليها في المواثيق الدولية !!!!.
كما تزحف دولة " المؤمن الفاسد" على رموز الثقافة الوطنية من أدب ومسرح وسينما وأكاديميات متخصصة ومنع مختلف الفعاليات الفنية في وسط وجنوب العراق في محاولة منها لخلق بيئة مواتية لفيروس اسود في مختلف الفنون وعلى طريقتها الخاصة وعلى نسق الجمهورية الإسلامية أو على هدى طالبان, ولعل آخرها ما تعرض له اتحاد الأدباء والكتاب العراقي من حملة افتراء وكذب مدعمة "بالفتاوى الغوغاء" في الضغط عليه لغلقه أسوة بالأندية الليلة بتهمة تعاطي المنكر ـ الخمور, ولا نعرف أيهما أكثر منكرا شرب الخمور أم أكل أموال الناس بالباطل, شرب الخمور أم المحاصصة الطائفية, شرب الخمور أم الفساد الأخلاقي, شرب الخمور أم الفتاوى بسرقة المال العام, شرب الخمور أم النصب والاحتيال, شرب الخمور أم تزوير الشهادات, شرب الخمور أم انتشار مزارع الحشيش والمخدرات بدلا من مزارع الفواكه, شرب الخمور أم المليشيات المسلحة, شرب الخمور أم المتاجرة بالمخدرات من قبل بعض فصائل الإسلام السياسي...... إنه استهتار ومصادرة للحريات العامة التي كفلها الدستور وتجاوز على القضاء صاحب اليد الطول بهذا الشأن و و.... وهي سلوكيات منافقة ومنافية للدين وأضعاف لدور الدولة الديمقراطية والمدنية في العراق !!!!!.