بقلم: سري سمّور
· على حماس ألا تحشر قيادتها في غزة ويجب أن يكون رئيس المكتب السياسي في الخارج.
· انتظار حماس لنتائج الثورات غير مجدي وتعليق الآمال الكبيرة محبط.
· يجب على القيادة الجديدة وقف التضارب في المواقف والتصريحات.
· ينبغي إعادة النظر وتقييم شامل لتجربة حماس في السلطة.
· من الخطأ قطع العلاقات مع إيران بسبب وضع سورية أو العلاقة مع تركيا أو غيرها.
· قضية فلسطين الخاسر الأكبر من أي نزاع مذهبي أو عرقي في المنطقة.
· الغربيون يزينون لحماس التنازلات ويجب التقليل من التواصل معهم.
· المصالحة ممكنة مع استئناف المقاومة وإلا سيبقى الحال كما هو.
· الشباب الفلسطيني زهد في التنظيمات بسبب المناكفات بين القوتين الكبيرتين.
· على حماس أن تبادر ولو من طرف واحد إلى وقف التراشق الإعلامي مع فتح.
يعلم الله أنني كنت منذ حوالي عامين بصدد كتابة رسالة مفتوحة للأخ خالد مشعل وقيادة حركة حماس بصفتي واحدا من أبناء هذا الشعب يراقب ما يجري ويهمه أمر القوى الفلسطينية المركزية؛ إلا أن الكسل والتردد والخشية من سوء الفهم عوامل أجلت أو منعت أو أخرت هذه الرسالة وكان التأخير مفيدا حتى تـتبلور الأفكار وتنضج.
ومنذ مدة باتت مسألة قيادة حركة حماس وخاصة مقعد رئيس المكتب السياسي ذات حضور كبير في الإعلام وفي مداولات الساسة والمهتمين؛ وقد أصبح من شبه المؤكد أن هناك تغييرا في قيادة الحركة؛ ولا غرابة في هذا الاهتمام في هذه المسألة لما للحركة من ثـقل وتأثير على الساحة الفلسطينية والعربية، ولأن التغيير يأتي في زمن الثورات العربية، وفي ظروف فلسطينية ودولية دقيقة لأبعد الحدود، وهذه المقالة بما تحمل محاولة لسبر أغوار المرحلة القادمة وتـقديم بعض الملاحظات أو النصائح التي أسأل الله أن تجد آذانا صاغية.
(1)تغيير ضروري بشرط....!
يأتي تخلي الأخ خالد مشعل عن موقعه في رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس بعد أن شغله لسنين طويلة وفي ظروف معقدة فلسطينيا وإقليميا ودوليا، واستطاع أن يعبر بالحركة من فوق حقول أشواك وألغام، وأصاب وأخطأ كما هو حال البشر منذ الأزل، يأتي بمثابة سابقة، لا سيما بعد أن أصبحت حماس تعرف بالرجل ويعرف بها في بعض الأوساط، والمثال الوحيد على التخلي عن موقع القيادة قبل مشعل هو الأمين العام الأول للجبهة الشعبية د.جورج حبش، وهو مثال يمكن أخذ دروس منه؛ فالتخلي عن الموقع يحسب للرجل، ولكن ما تلاه من خطوات لم يكن في صالح الجبهة التي كان يفترض أن يكون لخطوة مؤسسها دفعا قويا وديناميكيا نحو تطوير وضعها؛ إلا أن ما حدث كان قاصما؛ فقد دخل الأمين العام الثاني أبو علي مصطفى –رحمه الله- إلى فلسطين وبالأحرى إلى جزء من فلسطين (غزة والضفة) فكان فريسة سهلة لطائرات الاحتلال؛ ولكن الجبهة عادت واختارت أمينا عاما ثالثا (أحمد سعدات) من الداخل ومن الضفة ليكون عرضة للاعتقال ولم يخرج من العزل الانـفرادي إلا قبل شهور قليلة، ولا أؤمن أن قيادة أي حركة يمكن أن تسير بطريقة طبيعية من وراء أسوار السجون، مهما كانت قدرات القائد والتفاف أبناء حركته حوله...وليس بعيدا عن الجبهة حركة فتح التي لم يبق من أعضاء لجنتها المركزية بعد توقيع اتـفاق إعلان المبادئ سوى بضعة أفراد في الخارج(أبو اللطف وأبو ماهر غنيم ومحمد جهاد) مما أخضع الحركة وقيادتها لضغط وقهر الجغرافيا وما زالت تدفع ثمن ذلك.
فعلى حماس أن تتعلم الدرس ممن سبقها؛ فلا يغرنّها أن غزة خالية من المستوطنات، ولا تـنسى أن غزة هي 1% فقط من فلسطين، وأن ستة ملايين من أبناء شعبنا في الخارج، وقد كثرت الأحاديث والأقاويل والتحليلات عن ثـقل وأهمية الداخل، وهي أهمية لا شك فيها، خاصة أن عمل حماس الميداني محصور في الداخل؛ ولكن ليس معنى هذا أن تحبس نـفسها في شريط ساحلي ضيق محاصر، وقد يغريها وجود قادة كانوا في الأسر في غزة، أو عودة بعض القادة والرموز، فالأصل أن يكون رئيس المكتب السياسي ومعه ثلة من القادة في الخارج.
أما الإغراء بأن غزة محاذية لمصر التي يرأسها رجل من الإخوان المسلمين الحركة الأم لحماس، فهو فخ أيضا لأن الثورات العربية ومنها المصرية لا تزال تتفاعل ولم تحسم جميع الأمور حتى اللحظة، وهذا محور حديثي في المحور الثاني من المقال.
(2)الثورات مكسب كبير ولكن...!
لا نـقاش بأن الأنظمة البائدة كانت ضد نهج حماس وفكرها، وضد مسيرة المقاومة الفلسطينية خاصة نظام مبارك، ولا شك بأن الثورات هبة من الله سبحانه وتعالى للشعوب العربية وللقضية الفلسطينية؛ إلا أن الكلام يبقى حاليا في إطار العموميات لأن الثورات لم تستقر بعد، ولأن الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع يواجهون تحديات كبيرة داخليا وخارجيا تجعل من إمكانية لعبهم الدور المأمول تجاه فلسطين في المرحلة الحالية أمرا مستبعدا؛ فلو نظرنا إلى مصر لرأينا أنه مع ما تحقق من مكاسب مثل إنهاء هيمنة العسكر واستقرار نسبي في وضع رئيس الجمهورية؛ إلا أن فلول نظام مبارك والليبراليين والعلمانيين والقوميين يأتلفون ويتوحدون لأول مرة في تاريخهم ضد الإسلاميين وهم الذين كان التشرذم شيمتهم، مما قد يستلزم عملية جراحية معقدة ربما أصعب مما جرى مع العسكر، إضافة إلى التحديات الاقتصادية الكبيرة، والضغوط الخارجية على الرئيس معروفة، مما يعني انشغالا كبيرا، ولا أمل في المرحلة الحالية بتغيير جذري تجني ثـماره حركة حماس أو الفلسطينيون عموما، وأكرر ما ذكرته في مقالات سابـقة وهو أن الغرب الذي تهمه إسرائيل بالدرجة الأولى قد يمارس الابتزاز اللئيم ويهدد بضرب استقرار وضع الإسلاميين إذا اقتربت النظم الإسلامية الوليدة من حركة حماس، ما دامت حماس لا تعترف بإسرائيل، بل لربما يضغطون على هذه النظم كي تزين لحماس «حسنات» الاعتراف بإسرائيل وتخليها عن المقاومة، ولا شك أن هذا مرفوض عند حماس من رأس الهرم وحتى قاعدته، وعليه يـنبغي على قيادة حماس و قواعدها مراعاة ما يلي:-
أ) عدم الإفراط في التفاؤل برؤية تغيير جذري ملموس قريبا، ولنا تجارب سابقة في مسألة الإفراط في التفاؤل منها التفاؤل بانتصار المجاهدين الأفغان على نظام نجيب الله، وقيام نظام إسلامي في السودان، ويجب ألا تغيب عن حماس ولا عن الفلسطينيين الحكمة المعروفة «ما حك جلدك مثل ظفرك فتولّ أنت جميع أمرك».
ب) عدم اتباع سياسة الانتظار لرؤية ما ستؤول إليه الأمور في مصر أو غيرها، وعدم انتهاج سياسة الخوف من إحراج الإسلاميين في الحكم، وخاصة في مسألة المقاومة، فلا يجوز تجميد المقاومة خوفا من إحراج الإسلاميين أو الظن بأن المقاومة ستكون أفضل حين يحكم الإسلاميين قبضتهم أكثر في دولهم، لأن هذا مضيعة للوقت ولا جدوى منها.
جـ) عدم الخضوع وإعطاء أي مواقف، وعدم قطع العلاقات مع أي طرف عربي أو إسلامي وخاصة إيران، لأن أكثر ما يضر القضية الفلسطينية هو الصراعات الطائـفية والعرقية في المنطقة، وأكثر شيء قد ينقلب وبالا على حماس هو وضعها البيض في سلة واحدة، وانحيازها لأي طرف عبر الوقوع في حسابات غير مضمونة الربح...والتلميح يكفي هنا!
د) العودة إلى سياسة إظهار الاستقلالية؛ فبلا شك حركة حماس مستقلة ولها كيانها الخاص الذي يضبط مسيرتها وخياراتها، ولكن نلحظ مؤخرا تداخلا-ولو على مستوى الخطاب- بين وضع حماس ووضع حركة الإخوان المسلمين في هذا البلد أو ذاك، أو تماهيا مع تصريحات شخصية إسلامية تـقيم هنا أو هناك في الموقف السياسي، وهذا غير مفيد لحماس ولا للإخوان، ولا شك ديناميكية حماس وظهورها كحركة مستقلة مكنها من تجاوز العديد من العقبات ورفع عنها وعن الحركة الأم(الإخوان) الكثير من الحرج والشكوك، ومن أهم الإثباتات العملية على مسألة الاستقلالية عدم تركيز القيادة في قطاع غزة!
(3)إنهاء التضارب في التصريحات والمواقف
أرى أن من أهم الأمور في المرحلة القادمة وقف أو منع تـضارب التصريحات بين قيادات الحركة، وهو أمر لا يمكن إنكاره أو التغاضي عن سلبياته، فترى قياديا أو متحدثا يخرج بتصريح ليخرج بعده قيادي آخر محاولا التهوين من شأن تصريح زميله، أو الادعاء بأن التصريح قد أسيء فهمه؛ فهذا أمر يجب أن ينتهي تماما في المرحلة القادمة، ونحن نتذكر كيف أن وحدة الموقف والتناغم كانت تدفع بعض وسائل الإعلام إلى محاولات تلفيق التصريحات والأقوال عبر البتر والاجتزاء، وأتذكر في الانتفاضة الأولى حين دار لغط حول تصريح هنا وهناك لهذا القيادي أو ذاك كيف أن حماس أعلنت أن من يمثلها فقط هو بيانها الرسمي...والآن في عصر الفضائيات والإنترنت هذا غير ممكن ولكن من الممكن والسهل الخروج بمواقف محددة موحدة إلى الإعلام لا سيما في مسألة المقاومة ومسألة المطالبة بأرض فلسطين كاملة.
(4) أوسلو والمشاركة في السلطة
لأول مرة منذ توقيعه نرى هذا الجدل الجدي حول اتـفاق أوسلو والمطالبة بإلغائه أو تجاوزه، خاصة من أصوات معروفة داخل حركة فتح، وهذا يعطي مؤشرات حول طبيعة المرحلة القادمة ومسألة مشاركة حماس في السلطة تحتاج إلى بحث كامل ومراجعة شاملة وصريحة ودقيقة وليس مجرد مقالة، ولكن ثمة ملاحظات هامة يجب عدم القفز عنها في هذا الشأن:-
أولا:كان من الضروري أن يكون دخول السلطة متزامنا ومتوازيا مع دخول منظمة التحرير بناء على اتـفاق القاهرة 2005 وكان هذا أمرا مقدورا عليه قبل حدوث الاقتتال، والآن ماذا لو جرى حل السلطة واعتبار المنظمة هي المرجعية الوحيدة؟والمنظمة معترف بها في المحافل الدولية والعربية، وحماس والجهاد الإسلامي خارج المنظمة، وماذا لو أجريت انتخابات عامة في الضفة الغربية وحدها، وهو أمر ممكن مع أنه مستبعد حاليا، بل ماذا لو اعتبرت المجالس البلدية المنوي انتخابها بعد أسابيع قليلة هي الشرعية الوحيدة مثلما حذّر المحامي زياد أبو زياد في مقال نشرته جريدة القدس اليومية قبل أيام؟عندها لن يبقى لحماس شرعية الصندوق التي بيدها الآن، وسيعترف كل العالم بمثل هذه الانتخابات، هذا في زمن تعطيل أو تعليق أو تجميد(لا يهم المصطلح) شبه كامل للمقاومة لتجد حماس نـفسها بلا شرعية المقاومة ولا شرعية الصندوق!
ثانيا: هل خدم دخول حماس إلى السلطة ومؤسساتها برنامج المقاومة؟وهل كان من الضروري الدخول إلى السلطة بهذه الكثافة؟أولم يكن من الأفضل محاكاة أنموذج حزب الله في التعامل مع الدولة والحكومة في لبنان دفعا للحرج والتبعات الاقتصادية والسياسية؟صحيح أن لبنان مقسم إلى حصص بين طوائـفه، ولكن حتى حصة حزب الله نراه يزهد بها ويكتـفي بوزير أو اثنين في وزارات غير سيادية مقابل تحكم الحزب بقرارات مصيرية واحتفاظه بسلاحه وعلاقاته الإقليمية، أما حماس فقد تراجع برنامجها المقاوم أو تجمّد وباتت مضطرة لإرضاء الشرق والغرب دون أن يرضوا ثمنا لوجودها في السلطة، كما ألا وجود فعلي لها في الضفة الغربية منذ سنين.
ثالثا: لقد أصبحت حماس مسئولة عن حياة أهالي قطاع غزة وحدها، وللأسف هي تنفرد بإدارة قطاع غزة، ولو قررت إشراك آخرين لنجحت في ذلك، لكن الإدارة المنفردة أعطت صورة سلبية عن كون حماس تحمل مشروعا حزبيا فئويا لا يؤمن بالشراكة؛ ولا تنفع هنا التبريرات التقليدية التي تعود إلى مرحلة ما بعد فوز حماس في الانتخابات، أو حتى عقد المقارنات مع الخصم السياسي، لأنه يفترض أن الناس انتخبوا حماس ووقفوا معها لأنها ستتجنب الفئوية التي نـفرتهم من خصومها...على كل حال على حماس أن تـفصل تماما بين المواقع الحكومية وقيادات الحركة ومؤسساتها، وأن تحاول التخلص من السيطرة على بعض المواقع تخفيفا على الناس؛ فمثلا إذا كانت سيطرة حماس على هيئة الطاقة أو محطة الكهرباء تسبب الأزمة التي زادت عن حدها في إمدادات الكهرباء فلترفع حماس اليد عنها، وليتسلم هذا الملف أو غيره مهنيون وأن يكون دور حماس الرقابة والمحاسبة والمتابعة.
(6) العلاقة مع إيران وتركيا
مع أنه قد سبق لي الحديث عن هذا الأمر إلا أنه لا مناص من التركيز عليه أكثر...فتاريخيا حين احتل التتار إيران كان هذا الاحتلال مؤشرا عما سيحل بباقي حواضر المشرق الإسلامي، وحدث ما حدث ودخل التتار بغداد، واليوم إيران تتعرض لحصار أضر بعملتها الوطنية وتهديد واضح، وبعض المتحذلقين يرون أن الأمر مسرحية أو تبادل أدوار وما إلى ذلك من الترّهات السخيفة؛ فالحقيقة أن إيران تدفع فاتورة مواقفها تجاه القضية الفلسطينية وعلاقتها مع حماس أو غيرها من قوى المقاومة، ولو أنها انتهجت نهجا آخر لسمح لها بامتلاك برنامج نووي مثلما سمح لدول مجاورة...وهناك من يطالب حماس بقطع العلاقة مع إيران بالعزف على وتر المذهبية أو بسبب ما يجري في سورية؛ وحتى الآن حماس متماسكة ولكن الضغوط الناعمة والخشنة تبدو كبيرة، وعلى حماس ألا تنسى أن طهران فتحت لها الأبواب حينما أقفلت دونها كل عواصم «الأشقاء»، وأن من يغازلونها اليوم لا يستبعد أن يتخلوا عنها عند أول مفترق طرق؛ ولكن ليس من حق إيران أن تطلب من حماس تبني موقفها تجاه سورية، ولمن يتحدثون عن ضرورة مقاطعة إيران بسبب هذا الموقف، لم نرهم يطلبون أن تقاطع حماس تركيا لأن لها قوات في أفغانستان فلماذا؟هي المذهبية مثلا؟!
وبالنسبة لتركيا فهي قوة صاعدة ومهمة، ولكن العلاقة معها يجب ألا تكون على حساب العلاقة مع إيران، خاصة أنها ليست مع حماس في مسألة الاعتراف بالكيان، ولها مفهوم للحياة الاجتماعية والسياسية لا يتوافق مع المدرسة التي تنتسب إليها حماس، وعلى حماس أن تعمل كل جهدها لعدم الوقوع في فخ الاصطفافات الجارية في المنطقة؛ فمثلا بالأمس إعلامي عربي مشهور جدا يكتب على صفحته على الفيسبوك أن مؤتمر حزب العدالة والتنمية مؤشر على حلف الأغلبية(كما قال) في المنطقة...ولا شك بان أي نزاع مذهبي أو عرقي تخسر بسببه قضيتنا وتربح إسرائيل؛ فقد خسرت القضية بسبب الحرب العراقية-الإيرانية، وخسرت أكثر بعد احتلال الكويت وما تلاها من حرب، وستخسر أكثر لأي نزاع سني-شيعي أو تركي-إيراني أو إيراني-خليجي أو ما شابه..فالحذر الحذر!
(7) الاتصالات مع الغرب...والمقاومة المعلقة!
الأوروبيون خبثاء ربما أكثر من الأمريكان فهم يعطون الوهم ويجعلون البعض يجري وراء سراب؛ وعلى حماس أن تدرك هذا في علاقتها معهم، لأن هدفهم تعليق المقاومة فقط وجرّ حماس إلى تنازلات متتالية وتمييع موقفها...أما جيمي كارتر فأتذكر بيانات حماس في الانتفاضة الأولى حين كانت تصفه بعرّاب كامب ديـفيد، ولا مانع بالالتقاء بهؤلاء ولكن دون إسراف بل يجب على حماس أن تمارس الترفع معهم، لأنها صمدت في وقت كانوا في أوج قوتهم وجبروتهم وكان الاستبداد مهيمنا على أقطار العرب فكيف الآن بعد الثورات؟
إنهم كانوا يريدون إطلاق شاليط مجانا، والآن هناك إحساس أو استنتاج مبني على ملاحظة أن الاتصالات بالغرب تكبل عمل حماس المقاوم وتبقيه في الإطار اللفظي حتى لا توصم بالإرهاب الموصومة به رسميا، فحتى جناحها السياسي مصنّف ضمن الإرهاب أوروبيا؛ فهل وقعت حماس في فخ تجميد وتعليق المقاومة على أمل شطبها من لوائح الإرهاب، مع العلم أن هذه اللوائح تشرفها أصلا؟
والحقيقة أن المرحلة السابقة شهدت إسرافا كبيرا في مسألة التعاطي مع الغرب، وذلك بحجة شرح الموقف أو محاولة التخفيف عن شعبنا...وهذا أمر يحتاج إلى إعادة نظر.
(8) المصالحة والمقاومة ووقف المناكفات
لا داعي لتكرار أن الشعب ملّ من توقيع الاتـفاقيات والحديث المحفوظ عن المصالحة والانـقسام وما إلى ذلك؛ وقد ثبت أن المصالحة أساسها الاتـفاق على برنامج سياسي شامل موحد وليس تـقاسم المواقع بناء على انتخابات قد يعقبها نزاع جديد نحن في غنى عنه، وإلا سنبقى ندور في حلقة مفرغة، ولا أمل في وجود هذا البرنامج ما دامت المقاومة معلقة أو مجمدة أو متوقفة، لأنها ستخلق هذا البرنامج، أما ما تم التوافق عليه في القاهرة أي تـفعيل المقاومة الشعبية السلمية فهو هروب من الواقع والدليل أن لا شيء على الأرض، واستمرت المناكفات وتبادل الاتهامات والتنازع على الشرعيات...كل هذا في وقت تهوّد فيه القدس وتبيت النوايا لتكرار ما جرى في المسجد الإبراهيمي في المسجد الأقصى...وعلى حماس بقيادتها الجديدة أن تعي أن الشعب بدأ يبتعد عن كل التنظيمات خاصة فئة الشباب لأن لا طاقة له بسماع الحجج والاتهامات المتبادلة؛ وعلى حماس أن تسمع صوتها بالمقاومة الفعلية لا اللفظية، أو بالبكائيات وخطاب المظلومية الذي لم يعد صالحا...فبالمقاومة يتبلور برنامج جديد، وتوفر على نـفسها عناء كثير من الأقوال والشروح.
وفي السياق ذاته أرى أن على حماس أن تكف ولو من طرف واحد عن المناكفات الإعلامية؛ فالناس بدأوا يسخرون من مجادلات فتح وحماس، بل البعض يصف ما يجري بأنه أشبه بما يكون بين الزجالين الشعبيين(الحدائين) من مناظرات كلامية؛ فلم تـقوم حماس بالرد على كل تصريح يصدر عن فتح؟ لماذا لا تجرب السكوت أو التغاضي مع توسيع الاهتمام والتركيز على الاحتلال؟وللعلم فإن كثيرا من الكتبة والمحللين والمتابعين بمن فيهم مقربون من فتح يردون على مواقف أو تصريحات من فتح بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ فلماذا يسارع ناطقو حماس وقياديوها إلى الخروج على الإعلام ردا على كل تصريح أو خبر من/عن فتح؟فهل يمكن لقيادة حماس الجديدة أن تجرب سياسة التقليل –إذا تعذر الإنهاء التام- من هذه السياسة الإعلامية التي ملّها الجمهور؟
هذه أهم النقاط والملاحظات في وقت دقيق ومفصلي يحياه شعبنا، وتجدد حركة حماس قيادتها
والعيون كلها مركزة عليها وتنتظر منها مبادرات وخطوات تجعل من التجديد تغييرا إيجابيا...لنـنـتظر ونرى!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الأربعاء 17 ذو القعدة-1433هـ، 4/10/2012م
من قلم:سري سمور(أبو نصر الدين)-جنين-أم الشوف/حيفا-فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق