الطعن وحده لا يكفى
محمد سيف الدولة
·   جرت  العادة في الانتخابات السابقات على الاكتفاء بتقديم الطعون أمام مجلس  الدولة قبل الانتخابات ، وأمام محكمة النقض أو المحكمة الدستورية  بعدها . 
·       وجرت العادة ان يرفض القائمون على مجلس الشعب الاعتداد بهذه الأحكام بحجة ان المجلس سيد قراره .
·   و  حتى فى الحالات التى حكمت فيها المحكمة الدستورية ببطلان المجلس ، فإن  الدستور لم يكن قد تم تعديله بعد بالطريقة المخزية التى تمت فى 26 مارس  2007 . 
·   وحتى  لو حكمت الدستورية هذه المرة أيضا بالبطلان ، فسيلجئون مرة أخرى الى حيلة  التعديلات الدستورية ، ليُفَصِّلون المزيد من مواده على مقاس الإجراءات  الانتخابية التى يريدونها .
·   وستمر الحكاية وكأن شيئا لم يكن . وتهدأ ثورة الغضب ، وتنشغل الناس بمشاكل وقضايا جديدة ، وتمر الجريمة بدون عقاب .
·       صحيح أن هذه الطعون ضرورية كخطوة لإثبات وقوع جريمة التزوير ، ولحل المجلس الباطل اذا تيسر .
·       ولكن سيظل سلاح التزوير مصلتا على رقابنا فى كل انتخابات قادمة .
·       لذا يتوجب هذه المرة إضافة إجراء جديد لمقاومة هذه الجريمة ، وهو الملاحقة الجنائية للمزورين .
* * *
و  قانون العقوبات المصرى غنى بالنصوص المعنية بهذا الشأن ، والتى تصل فى بعض  أحكامها الى الأشغال الشاقة المؤقتة ، والتى تسرى فى وجه كل من :
·   كل من زور بنفسه او شارك حرض او ساعد فى ارتكاب هذه الجريمة سواء كان موظفا عموميا او شخصا عاديا .
·       وكل من استفاد بنتائج التزوير .
·       وكل من استعمل المحررات المزورة وهو يعلم بتزويرها .
·       وكل من علم بالجريمة وبمرتكبيه ولم يبلغ السلطات .
·       وكل من ارهب الناس للتأثير على سير العملية الانتخابية .
كل هؤلاء مُجَرَّمون بموجب القانون ، و يستوجب توقيع العقوبة عليهم .
وبتطبيق  هذا التوصيف على الانتخابات الأخيرة ، فاننا سنجد لدينا قوائم طويلة  وعريضة تستوجب الملاحقة ، قوائم محددة بالاسم والصفة وطبيعة المساهمة فى  الجريمة . 
* * *
·   وبالتالى  مطلوب من كل الناس الطيبين الذىن شاركوا فى الانتخابات الأخيرة سواء كانوا  من المرشحين او الناخبين ، والذين شاهدوا فى لجانهم المختلفة ، تفاصيل  الجريمة وكل من ارتكبها ...
مطلوب  منهم أن يبادروا بتقديم بلاغات الى النائب العام ضد هؤلاء المزورين بالاسم  والصفة ، أيا كانت وظائفهم او مناصبهم او جهات عملهم . 
·   فاذا  تعذر على البعض منهم تقديم الأدلة والبراهين اللازمة لإثبات الجريمة ، فان  هناك مئات الحالات المرصودة والمسجلة صوت وصورة ومتداولة بين الجميع .  وهناك المئات من الشهود الشرفاء على استعداد للشهادة . 
* * *
·       ولنتذكر جميعا أن جريمة التزوير هى وجرائم التعذيب وجرائم الحرب والابادة ، كلها من فصيلة واحدة .
·       فكل منها تمثل اعتداء على وجود و أمان الإنسان بشكل أو بآخر .
·       وان كان التعذيب يهدف الى كسر وإعدام إرادة الضحية ، فان التزوير يغتصب ويعدم إرادة شعب بكامله . 
·   وان كانت حروب الإبادة تهدف الى القضاء على حياة البشر ، فان التزوير يقضى على وجودهم الدستورى وعلى دورهم فى صناعة مستقبلهم .
* * *
·   ولقد  كان المجتمع الانسانى والجمعيات الحقوقية قد نجحوا فى السنوات الأخيرة فى  تحقيق تقدما كبيرا فى ملاحقة مجرمي التعذيب و مجرمي الحروب ، الى درجة ان  الكثير منهم أصبح عرضة للاعتقال والتوقيف فى عدد من بلدان العالم بموجب  أحكام إدانة صادرة ضدهم من محاكم محلية .
·       فلماذا لا نلجأ الى تطبيق ذات الوسائل القانونية على جرائم ومجرمى التزوير .
·   فان  نجحنا فى استصدار ولو حكما واحدا بإدانة أيا منهم ، فسيرتدع الكثيرون فى  المستقبل ، بما يحد ويقلص من حالة الفجاجة والفجور التى مورست بها هذه  الجريمة فى الانتخابات الأخيرة .
·       و أظن انه ببعض الجهد والمثابرة والحرفية قد نستطيع ، باذن الله ، استصدار أحكاما كثيرة مماثلة .
·       وليست هذه بالطبع هى المعركة الوحيدة التى يجب أن نخوضها الآن .
·       ولكنها تبقى معركة رئيسية وضرورية .
* * * * *
القاهرة فى 15 ديسمبر 2010
موضوعات مرتبطة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق