تقسيم العراق بين أفخاخ السياسة وجشع الشركات
آليات التقسيم بين أفخاخ السياسة وجشع الشركات
مشاريع وتوصيات تقسيم العراق
استخدمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة سياسية القضم الجيوبوليتيكي للعراق وأساليب "التقطيع الناعم بتغليب الهويات الفرعية الطائفية والاثنية على الهوية الأساسية الوطنية وبرز جليا عبر هندسة المشهد السياسي ما بعد الغزو2003, وكذلك استخدمت أساليب التقطيع الصلب عبر الكانتونات الخرسانية الكونكريتية وتقطيع مدن بغداد وأحيائها وتغليب الألوان الطائفية عليها, وشهد العراق مؤخرا تجسيدا لهذه الفلسفة عبر الإخراج الحكومي والبرلماني والجمهوري لشكل العملية القادمة للسنوات الأربع القادمة, وبرز الفكر الانفصالي للأحزاب الكردية جليا بعد مطالب "حق تقري المصير" للشعب الكردي خصوصا بعد تكامل العامل العسكري لديهم حيث تم تشكيل مجلس امن كردي سمي بمجلس "الاسايش" وتوحيد المليشيات الكردية تحت يافطة واحدة وبمعدل ثماني فرق قتالية, إضافة لعامل التكامل السياسي المتمثل في برلمان كردي وحكومة كردية في شمال العراق وحضور خارجي مدعوم قنصليات منتشرة خارج العراق, وبالرغم من حصول الأحزاب الكردية على أكثر من الاستحقاق الانتخابي, حيث تمكنت الأحزاب الكردية الانفصالية من توريث منصب رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية العراقية ونواب لرئيس الحكومة والبرلمان مع أن رئيس الإقليم الشمالي كردي وليس له نواب عرب ورئيس الحكومة كردي وليس له نواب عرب, ولا يوجد وزير عربي او سياسي عربي في شمال العراق, ومما يساهم في نشر ثقافة الانفصال والتعصب القومي, وقد نشا جيل حديث لا يرتبط بجذوره الوطنية العراقية خصوصا أن التغذية الثقافية الكردية هناك ذات منحى قومي متعصب وكثيرا منهم لا يعرفون اللغة العربية, وتسعى تلك الأحزاب لابتلاع كركوك الغنية بالنفط والتي تشكل 4% من احتياط العالم حيث جرى تكريدها وبشكل بشع بعد غزو العراق , وكعامل الانفصال الاقتصادي, , ويجد الكثير من الباحثين والكتاب الأمريكان أن برميل البارود القادم هو الاحتراب الكردي العربي, وهو إيحاء وهيكلة للعقول ببدء تقسيم العراق فعليا وعلى اثر أحداث دراماتيكية او إشعال حرب عربية كردية, كما يجري في السودان وعلى أثرها يجري العمل على تقسيم العراق عموديا شمال كردي ووسط وجنوب عربي, و أفقيا دويلات متعددة البصرة, الانبار, دولة بابل, دولة الحوزة الشيعية في النجف وكربلاء, دولة الجنوب, او حسب المخططات الأولية ثلاث دويلات طائفية واثنيه.
آليات التقسيم بين أفخاخ السياسة وجشع الشركات
عملت الدوائر الأمريكية والإسرائيلية ودول إقليمية وعربية أخرى, على تمرير مشروع تقسيم العراق ,والذي سيطال المنطقة بالكامل بدء من السودان مرورا بالعراق واليمن كمرحلة أولى, لقد تعاقد دوائر الـ سي أي إيه مع 68 شخصية من ذوي الأصول العراقية قبل غزو العراق لعمل كمتعهدين سياسيين تحت عنوان سياسي او مختص او مستشار, وجميعهم الآن في سدة السلطة في العراق , وقد أطفت عليهم الوشاح الرسمي بغية تطبيق مخطط التقسيم الطائفي والعرقي, وقد مكنتها من السيطرة على مقدرات العراق الشكلية لخلق بيئة صراع طائفي وعرقي يقود إلى تقسيم العراق , وقد ارتكبت تلك الطبقة جرائم تقتيل وتهجير بحق الشعب العراقي منظم لتدمير البني التحتي العراقية, وجرى تصفية للعلماء واستهدفت الطبقة الوسطى التي كانت تدير شؤون العراق المؤسساتية لغرض تمرير برنامج "مدرسة شيكاغو" الذي يعمل وفق عقيدة "مليتن فريدمان" والذي يعمل على خصخصة أصول الدولة العراقية بالكامل للشركات وقد طبق هذا المنهج الدموي المأساوي في أمريكا الجنوبية وروسيا وبولندا ودول آسيا "النمور الآسيوية" وجميع تلك التجارب خلقت ملايين الجياع والبطالة والمهجرين والقتلة والمعتقلين, وينص هذا المنهج على رفع القيود الضريبية والارتباط بالسوق الحرة , ورفع الدعم الحكومي عن المجتمع العراقي وهذا ما جري بالضبط ضمن فلسفة "الصدمة الكهربائية لبيع الدولة, وبذلك يجد المواطن العراقي نفسه بلا تاريخ وبلا مستقبل, وجرى بالفعل تصفير مقومات الدولة القوية الموحدة, وتهيئة مناخ تقسيم , وفسحت المجال للمليشيات الإجرامية الطائفية والعرقية بمسك مفاصل سياسية وتنفيذية , واطفت عليها الشرعية السياسية والقانونية , علما أن عناصرها كانوا خارجين عن القانون من اللصوص وقطاع الطرق والمرتزقة ومنفذي العمليات الإرهابية ضد الشعب العراقي,وأحكمت تلك التطبيقات عبر منظومة قوانين أصدرها موظف الخارجية "برايمر" الذي لا يمتلك خبرة في إدارة شؤون وزارة وكلف بهيكلة دولة العراق وخصخصة جميع أصولها ونهب ثرواتها المخصصة في مذكرة التفاهم والبالغة 12 مليار دولار لا يزال تبويبها مبهم؟ وكانت أبرز القوانين لهيكلة الدولة هي – اجتثاث الطبقة الوسطى وتحطيمها- حل القوات المسلحة العراقية– تشكيل المحاكم الخاصة -تشكيل مجلس الحكم وفق التركيبة الطائفية والعرقية–الدستور- قانون مكافحة الإرهاب –دمج المليشيات في القوات المسلحة..الخ , وهذه ركائز أساسية لتقسيم العراق واستنزاف قدراته وخصخصته للشركات , نعم هذا وجه الاستعمار المعاصر , والذي بات العراق في شرك أفخاخه التي لا ترحم وتقود العراق إلى التفكيك السياسي .
مشاريع وتوصيات تقسيم العراق
1. نشرت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون الوثيقة( 16) وهي خطط أعادة هيكلية الشرق الأوسط وثيقة لـ "رالف بيتر" 2006,تقرير نشرته مجلة"القوت المسلحة الأمريكية في عددها لشهر تموز 2006 والذي يرسم مستقبلا للمنطقة ويقوم على إعادة هيكلة الشرق الأوسط وهو عنوان التقرير المنشور, ويتطرق فيه إلى تقسيم العراق وسورية وإيران السعودية إلى دويلات طائفية متنازعة وابتلاع الكويت والبحرين وقطر,وبذلك تحافظ إسرائيل على سيطرتها على جميع الأراضي العربية , ليكون السلام قائما على أساس قوة الردع الإسرائيلية من ناحية , وتمزيق دول المنطقة وفق سياسة التقطيع الناعم من ناحية أخرى, والتقرير الذي أعده الخبير "رالف بيتر" العقيد المتقاعد في الجيش الأمريكي يعبر عن رؤية المحافظين الجدد في أمريكا, وقد نشرت خريطة تشير لإعادة رسم الشرق الأوسط الجديد, ويشير فيها إلى دولة كردستان الكبرى, والتي تضم محافظات شمال العراق الثلاث إضافة إلى محافظة كركوك النفطية , وجزء من محافظات الموصل وديالى واقتطاع مناطق من سورية وإيران وتركيا وأرمينيا وأذربيجان ويتم هذا بدعوى "رد حقوق الأقليات التي هضمت تاريخيا" وطبعا هي جزء من مخطط أعادة هيكلية الشرق الأوسط وهنا تبرز النزعة العسكرية في الفكر السياسي الأمريكي, ولعل إنشاء قوة مشتركة عراقية أمريكية كردية خير دليل على ملامح التقسيم.
2. دعا نائب الرئيس الأمريكي "جوزيف بايدن Joseph Biden " عندما كان سيناتور للحزب الديمقراطي عن ولاية "ديلاوير"– و"لزلي جليب Leslie "Gelb الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية CFR في أوائل مايس من عام2007, إلي تقسيم العراق لثلاث مناطق كردية وسنية وشيعية[1], وتتمتع كل منهما بالحكم الذاتي .
3. أصدر مركز "سابان" بمعهد "بروكينغز" للدراسات السياسية والإستراتيجية بواشنطن نهاية عام 2008 دراسة بعنوان" حالة التقسيم السهل للعراق" The Case of soft Partition in Iraq " وضعت توصيات لتطبيق مشروع تقسيم العراق وفق الفدراليات الطائفية والعرقية في العراق, ونسب النجاح المتحققة مقارنة بالوضع الحالي , وما تحقق منه , إلي جانب توصيات للتغلب على الصعوبات التي ستواجه الأطراف المختلفة إذا تم تطبيق هذا الخيار الذي أطلقت عليه الدراسة تسمية " الخطة ب" Plan B, واعد الدراسة كل من "جوزيف ادوار" باحث زائر بمعهد "بروكينغز" حيث عمل مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بمنطقة "البلقان" وشاركه الباحث المتخصص في شئون الأمن القومي الأمريكي بمعهد "بروكينغز" "مايكل هان لون" حيث عمل مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في دول مختلفة[2].
4. تصريحات لوزير الأمن الإسرائيلي عام 2008 في محاضرة بمعهد الأمن الإسرائيلي بدعمهم لإقامة دولة كردية شمال العراق.
5. فقاعات مختلفة تقف خلفها دول إقليمية لطرح انفصال أقاليم البصرة والنجف والانبار عن العراق تمهيدا لتكون دويلات خصوصا أن الحكومات المحلية هي الأخرى تطبيع للانفصال وتمهيد للتقسيم.
يقف العراق اليوم في منطقة رمادية تقود طوعا لتقسيمه ,خصوصا بعد تطبيقات فلسفة "محو العراق" الأمريكية التي عملت على تفكيك العراق سياسيا وتفتيت ديموغرافيته وتغليب الهويات الفرعية الطائفية والاثنية والحزبية على الهوية العراقية الوطنية, وشياع ظواهر الصدمة الاقتصادية عبر عسكرة الشارع العراقي وتحويل جميع بقعه إلى مشاريع تجارية مربحة للشركات, وأضحت تلك الشركات تصنع الإرهاب وتتاجر بالأمن, لتربح عقود مالية مخيفة في الدراسات والإعلام والسجن والتحقيق والتجهيزات والأسلحة والالكترونيات والسيارات والفضاء وغيرها, وبذلك قد خصخصت جميع أصول الدولة العراقية وبات تطبيق منهجية الحكومة الفارغة أمر واقعيا لامناص منه, ولعل منهجية تقسيم العالم العربي ستكون على شكل دويلات دينية وطائفية واثنيه, وسيكون مثلث العراق السودان اليمن كمرحلة أولى وابتداء من السودان , والتي تساهم دول عربية في تمرير مخططات تقسيمه إلى أربع دويلات وكذلك اليمن, ولعل العراق قاوم هذا المخطط ولكن الضغط سيولد الانفجار وعسى الانفجار سيحافظ على وحدة العراق.
الإرادة العراقية الصلبة تدحض أي مخطط أجنبي هجين
[1] . مشروع بايدن- جليب لتقسيم العراق بجعل بغداد مدينة دولية مستقلة حيث سيؤدي هذا الطرح إلي مزيد من عدم الاستقرار خاصة أن ثلثي عمليات النزوح حدثت في بغداد, وبالتالي لابد أن تكون العاصمة العراقية بغداد جزء من علمية التقسيم وذلك على الرغم من أن الدستور العراقي الحالي يحول دون انضمام بغداد إلي أي إقليم في حالة حدوث تقسيم إلا أن البدء في تنفيذ هذا المشروع يحتاج إلي العديد من الاستعدادات منها أجراء عمليات مراجعة وتعديل لمواد الدستور كي تسهل عملية التقسيم.
[2] . تقترح الدراسة انه ينبغي عقب عملية التقسيم تأسيس نظام جديد لإصدار بطاقات هوية خاصة بكل إقليم يتم التحقق منها عن طريق وضع نقاط تفتيش على حدود كل إقليم يتم تدعيمها البيانات الكاملة حول المواطنين في جميع أنحاء العراق وذلك لمحاصرة العناصر المتطرفة وتتوقع الدراسة التكلفة التقديرية لهذا النظام بمليار دولار وهنا تطرح الدراسة سؤال هام حول حجم القوات المطلوبة خلال تنفيذ تطبيق عملية التقسيم خاصة أن هذه المرحلة حساسة للغاية، الباحثين قدرا حجم القوات بحوالي 300 ألف إلا أن هذه المرة على قوات التحالف أن تعد خططا جديدة للانتشار حيث أن الخطط الحالية لها أغراض مختلفة لن تناسب المهمة التي ستقوم بها قوات التحالف في مرحلة التقسيم حيث سترتكز على حراسة الحدود بين الأقاليم الثلاث وكذلك نقاط التفتيش ألي جانب تأمين المنطقة الخضراء وتشير الدراسة ألي أن فكرة تقليل حجم القوات الأجنبية في العراق غير واردة إذا تم تنفيذ خطة التقسيم وذلك على الأقل لفترة انتقالية من 12 ألي 18 شهر, تعليق أن أعادة الانتشار التي جرت قبل أسابيع وزيادة عدد القوات كما أعلن وزير الدفاع غيتس هي احد توصيات هذه الدراسة.
--------------------
مركز صقر للدراسات الإستراتيجية
27-12-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق