لن تبقى أمتنا العربية .. بين الماحل والأمطار الحامضية
شبكة المنصور
أ.د. كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي مقاوم
استوطننا السبات لعقود انقضت خلنا فيها إننا لن نخرج منه البتة.
أمسك اليأس جماجمنا بقبضات حديدية وأغلق جلّ منافذ وفتحات دوراتنا
الدموية وهيمن على جلّ مراكز وفصوص عقولنا وكاد الشلل أن يغلب قدراتنا
على تحريك أطرافنا وسحق مشاعرنا وما جبلت عليه من فيض الإنسانية ونبل
الكرم وثر العطاء أو كاد أن يفعل.
اختلفنا واقتتلنا في تحديد وكشف وتحليل والاتفاق على مكونات قنوطنا
واستكانة رد الفعل فينا فتحولت خلافاتنا الداخلية الحياتية إلى أوتاد
يغرسها المستفيدون من تغييبنا في خواصرنا فتحول الثابت أزليا إلى متغير
هلامي الصورة زئبقي الحركة.. والهدف هو أن نكون أمة بلا قضية أو أمة لها
عدة قضايا فتضيع بين الأولويات وبين الارجحيات الأمر الذي يوغل في تمزيق
مواقفنا ويغور في أجسادنا وهنا" وتلكؤا" وترددا" وتيه.
ارتضينا لأنفسنا أن يكون حكامنا بين جبان ومتخاذل ومنبطح ولص وزنيم
...حتى صار زمن ولادة قائد استثنائي في ثوابته الوطنية والقومية وشجاعته
وإقدامه مشفوعا بولادة سيوف وسكاكين لمرتزقة التبشيع والذبح والشيطنة ..
ووقعنا بين الرغبة بقبول العيش الآمن ولو بالقليل البخس وبين التطلع
المحكوم باليأس المطبق فاستثمر أعداءنا هذه التكوينة الشاذة إلى دفعنا
إلى اعتزال رد الفعل الإنساني الحر الذي يجبر حكامنا على احترام خياراتنا
وإرادتنا ومصالحنا ويجبر أسياد حكامنا على التفكير مرتين في الإيغال بحجر
أدمغتنا وطاقاتنا الفيزيائية.
سكتنا عن استلاب إرادتنا وسلب قرارنا واعتبارنا محض قطيع يتبع, يصفق,
ينافق, يسترزق, يشكل أسيجة لشرعيات وطنية افتراضية لسلطة شكلت بإرادة
الاستعمار ومافيات النفط والغاز والكبريت والفوسفات اليورانيوم والرمال
السليكونية هي سلطة حكامنا الغاشمة... وخضعنا لإرهاب الشرطة وسطوة الأمن
السياسي وقبضة المخابرات التي تخدم قضية واحدة هي حماية حكامنا في الأعم
الأغلب وحماية كارتلات الامبريالية ومصالحها وتنفيذ خطط إبادتنا عند
الضرورة.
حل الماحل على روابينا وهضابنا وجزر رمالنا وعلى منحدرات جبالنا حتى خُيل
لنا أن الغيث قد غادر أجواءنا إلى الأبد وان الجفاف والتصحر والتخشب قد
عاقر ديارنا وخلايانا نصف الحية وسكن في عروقنا فأغلق فيها نسغها الصاعد
ونسغها النازل ..
توزعنا بين الإسلام السياسي المنقسم إلى ملل ونحل عديدة وبين القومية
المنشطرة إلى أجزاء مبعثرة وتحول الاختلاف الضروري للحياة إلى خلاف ضروري
للفرقة والتشرذم والاقتتال الداخلي القائم والمحتمل. هكذا صارت وحدتنا
مستحيلة والعناق بين جسدنا العربي وبين روحه الإسلامية والمؤمنة وَهَم
وخيال تماما كما أراد لنا المرحومَين المغفور لهما سايكس وبيكو وخرائط
الموت التي رسموها لأمتنا العربية.
خسرنا أوطانا" وكرامة وعزة نفوس وكبرياء أصيل حتى وصلنا إلى حافة القبول
بالمهانة وباستعدادنا لذبح كل مَن يأتينا من السماء منقذا وكقائد
استثنائي فأغرقنا جمال عبد الناصر في يم القنوط وغادر في غير أوانه إن لم
نكن قد ذبحناه والله اعلم ثم أجهزنا بقوتنا والاستقواء بشركات الماسونية
والبترول وكتائب المارينز وآلة الحرب الخرافية الأمريكية لننهي ظاهرة
صدام حسين وحزب البعث العربي الاشتراكي ودولة العراق المنبثقة من بؤر
التحدي. سلطنا على العراق وسلط معنا المستفيدون إسلام خميني وخوف العقال
الخليجي وجبنه وعثمانية تركيا ونزوة السلطة المجنونة والثأر البغيض عند
مَن غادر العراق مهزوما من ظواهر التعليم والعلم وارتقاء الخدمات وانتشار
المصانع والجامعات ليتجند في مغارات الجاسوسية ويتطوع في كتائب خدم الموز
والتفاح والليل الأحمر والأذرع الزانية ليعود بعد ذلك مع الفاتحين
الصهاينة والأمريكان وأحفاد كسرى وخميني وأذناب الشعوبية وأراذل الولاء
العثماني الميت من دهور حين غزت بغداد لتطيح ببادرة الرجاء العربي التي
نهضت من العراق كتيار يعاكس سير الاستسلام.. فخسرنا العراق وصدام والبعث
وسابت بعض مفاصلنا تمتدح العقال الدولاري والثوب الفضفاض الرازح تحت رحمة
المدح الذليل المرتزق...
هدرنا أموالا وثروات ومصادر عيش رغيد وأرزاق وفيرة مما يكفي لإعالة قارات
بيضاء وصفراء وسمراء دون أن ننبس ببنت شفة، بل وخيّطنا الشفاه المتحركة
والألسن البارعة حياءا من المستثمرين وعشقا لسلامة الكراسي وأمن القصور
وخدر الغانيات ودفئ ليالينا الحالمة بالجنس وعبّاده والغرام وشعراءه
والمال والثروة المتعطشة لجوع الشعب وهتك أعراض العامة..
أزهقت منّا ملايين الأرواح على مذابح الفداء لأعدائنا والمعتاشين
والمقتاتين على بروتينات ونشويات أكبادنا وما زلنا لكي نبرهن للشعب
العربي عجزه ولكي يقبل البقاء راقدا لا يتعلم ولا ينتج وان تعلم أو أنتج
فضمن قافلة سقط المتاع والمتردي.
افتقدنا عناصر الهبّة والانتفاض على عوامل تركيعنا وتجويعنا وتجهيلنا
وتهميش حضورنا ووجودنا وخفض درجة قيمة كينونتنا حتى خيل إننا لن ندرك
أبدا عوامل الثورة رغم إننا ننظر لها ونجدد مفاهيمها ونحث أدواتها وندرك
يقينا إنها لا يجب أن تكون أي شئ إلا عربية لا عثمانية ولا صفوية لا
غربية ولا صينية وهذا الإدراك لا يعني أبدا إننا نرجسيون شعوبيون، بل
يعني إننا نريد أن نستر عورتنا قبل أن نتبرع بأطنان الذهب لمَن هبّ
ودب.... نعم نحن نفهم بعمق كل ثوابت الثورة ومستلزماتها الفكرية
والوسائلية وندرك دون أدنى شك إنها يجب أن تحصل في حياتنا العتيقة
والمتجددة على حد سواء في تونس الخضراء ومصر الكنانة لتصحيح المسارات
التي ما اتضحت لحد الآن، وفي سوريا واليمن لإنتاج المبررات التي تجعلنا
نؤمن بأنها ثورة بلا عوامل ردة وانتكاس وفي العراق على إنها مقاومة وليس
تحريك بيادق ووزراء على رقعة الشطرنج الأمريكية الحمراء بنقيع الدم وفي
ليبيا لطرد الناتو وثواره ومنتجاته التدميرية وفي الأردن والخليج لإنتاج
أنظمة تجيد القراءة والكتابة وتعرف الفرق بين استصلاح أرض وتأسيس مزرعة
وبناء مصنع ينتج وبين بناء ناطحة سحاب تسقط في أول إعصار اقتصادي يحركه
وول ستريت !!..
ومع واقع السبات والماحل كنّا وما زلنا لا نغادر الأمل أبدا.. كنّا وما
زلنا نحرض ونثقف ونوعي أنفسنا والآخرين ويحرك بعضنا الرجاء في الأعضاء
والأوصال التي طالها التيبس.. كنّا, بعضنا, ولما يزل يقارع الإحباط
والتيئيس ويستعين بأهل الصين يقترض منهم شمعة لينير الزاوية التي تحتويه
ويحتويها بعد أن ذبح حكامنا الخونة صدام حسين والشموع والسيوف والرايات
التي وضعها في أكفنا ورسم بها واقعا آخر اقرب إلى ثوابتنا وكبرياءنا
وشجاعتنا وبعد أن اجتثثننا مع بريمر حزب البعث العربي الاشتراكي لنربي
على أنقاضه خنازير الطوائف وقردة الشعوبية وأنذال العولمة الدينية التي
تهشم عظامنا أمة وأوطانا وعوائل وأفراد.
ذبحنا صدام والعراق لأنه انتصر بنا ولنا لأول مرة،
ذبحنا صدام والعراق لأنه وضع الإنسان هدفا وغاية،
ذبحنا العراق وصدام لأنه أحرج كياناتنا المنبطحة المستسلمة،
ذبحنا العراق وصدام حسين لأنه أمّم النفط ووضع الصهيونية وكيانها هدفا
لطاقاتنا المنبثقة من رحم الثورة الحقيقية،
ذبحنا العراق وصدام حسين لأنه بنى أعظم قوة عسكرية في تاريخنا كله،
نعم .. لقد أفقنا أخيرا من السبات غير أن جلّ غيثنا جاء حامضيا يقتل
الزرع ويسمم الضرع .. نعم لقد وقعنا بين الماحل والمطر الحمضي غير إننا
إزاء حالة انبعاث حقيقية هي التعبير عن رد فعل ما عاد بوسعنا إلا أن
نعانقه رغم أن الوهن والوسن اللعين ما زال يغشي أبصارنا. إن امتنا تنهض
من بين جفاف الماحل وتقريح المطر الحامضي ترسم طريقها رغم الردى لأنها
امة اصيلة عريقة مؤمنة ثائرة وقدرها أن تنهض بعد عقود أو حتى قرون من
السبات والتصحر. ومَن لا يصدق ما أقوله فليسأل ثوار العراق الذين يحملون
البندقية ولا يعبهون برواد الانترنيت، وهم يتفلسفون ويظهرون قدراتهم
الإنشائية في شتم الأمس والماحل دون أن يدركوا وسيلة واقعية واحدة لمنع
وقوع الحدث الاستعماري ولا وقوع كوارث التشظية بالطوائف والشوفينية
العرقية.. ثوار الانترنيت هم الماحل والتيبس والتصحر والمطر القاتل حين
يكون جلّ غاياتهم المعلنة وفكرهم المتقد إلغاء دور البندقية في التحرر
والتحرير وطرد الغاصب.
وستبقى أمتنا ولود تلد المطر والغيث والمياه الفراتية التي بها تزرع
وتتغذى وتنتج منها البارود عماد الثورة وضمان فوزها .. ستبقى أمتنا قادرة
على الخروج من مطرقة الماحل وسندان المطر الحمضي بعون الله.
شبكة المنصور
أ.د. كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي مقاوم
استوطننا السبات لعقود انقضت خلنا فيها إننا لن نخرج منه البتة.
أمسك اليأس جماجمنا بقبضات حديدية وأغلق جلّ منافذ وفتحات دوراتنا
الدموية وهيمن على جلّ مراكز وفصوص عقولنا وكاد الشلل أن يغلب قدراتنا
على تحريك أطرافنا وسحق مشاعرنا وما جبلت عليه من فيض الإنسانية ونبل
الكرم وثر العطاء أو كاد أن يفعل.
اختلفنا واقتتلنا في تحديد وكشف وتحليل والاتفاق على مكونات قنوطنا
واستكانة رد الفعل فينا فتحولت خلافاتنا الداخلية الحياتية إلى أوتاد
يغرسها المستفيدون من تغييبنا في خواصرنا فتحول الثابت أزليا إلى متغير
هلامي الصورة زئبقي الحركة.. والهدف هو أن نكون أمة بلا قضية أو أمة لها
عدة قضايا فتضيع بين الأولويات وبين الارجحيات الأمر الذي يوغل في تمزيق
مواقفنا ويغور في أجسادنا وهنا" وتلكؤا" وترددا" وتيه.
ارتضينا لأنفسنا أن يكون حكامنا بين جبان ومتخاذل ومنبطح ولص وزنيم
...حتى صار زمن ولادة قائد استثنائي في ثوابته الوطنية والقومية وشجاعته
وإقدامه مشفوعا بولادة سيوف وسكاكين لمرتزقة التبشيع والذبح والشيطنة ..
ووقعنا بين الرغبة بقبول العيش الآمن ولو بالقليل البخس وبين التطلع
المحكوم باليأس المطبق فاستثمر أعداءنا هذه التكوينة الشاذة إلى دفعنا
إلى اعتزال رد الفعل الإنساني الحر الذي يجبر حكامنا على احترام خياراتنا
وإرادتنا ومصالحنا ويجبر أسياد حكامنا على التفكير مرتين في الإيغال بحجر
أدمغتنا وطاقاتنا الفيزيائية.
سكتنا عن استلاب إرادتنا وسلب قرارنا واعتبارنا محض قطيع يتبع, يصفق,
ينافق, يسترزق, يشكل أسيجة لشرعيات وطنية افتراضية لسلطة شكلت بإرادة
الاستعمار ومافيات النفط والغاز والكبريت والفوسفات اليورانيوم والرمال
السليكونية هي سلطة حكامنا الغاشمة... وخضعنا لإرهاب الشرطة وسطوة الأمن
السياسي وقبضة المخابرات التي تخدم قضية واحدة هي حماية حكامنا في الأعم
الأغلب وحماية كارتلات الامبريالية ومصالحها وتنفيذ خطط إبادتنا عند
الضرورة.
حل الماحل على روابينا وهضابنا وجزر رمالنا وعلى منحدرات جبالنا حتى خُيل
لنا أن الغيث قد غادر أجواءنا إلى الأبد وان الجفاف والتصحر والتخشب قد
عاقر ديارنا وخلايانا نصف الحية وسكن في عروقنا فأغلق فيها نسغها الصاعد
ونسغها النازل ..
توزعنا بين الإسلام السياسي المنقسم إلى ملل ونحل عديدة وبين القومية
المنشطرة إلى أجزاء مبعثرة وتحول الاختلاف الضروري للحياة إلى خلاف ضروري
للفرقة والتشرذم والاقتتال الداخلي القائم والمحتمل. هكذا صارت وحدتنا
مستحيلة والعناق بين جسدنا العربي وبين روحه الإسلامية والمؤمنة وَهَم
وخيال تماما كما أراد لنا المرحومَين المغفور لهما سايكس وبيكو وخرائط
الموت التي رسموها لأمتنا العربية.
خسرنا أوطانا" وكرامة وعزة نفوس وكبرياء أصيل حتى وصلنا إلى حافة القبول
بالمهانة وباستعدادنا لذبح كل مَن يأتينا من السماء منقذا وكقائد
استثنائي فأغرقنا جمال عبد الناصر في يم القنوط وغادر في غير أوانه إن لم
نكن قد ذبحناه والله اعلم ثم أجهزنا بقوتنا والاستقواء بشركات الماسونية
والبترول وكتائب المارينز وآلة الحرب الخرافية الأمريكية لننهي ظاهرة
صدام حسين وحزب البعث العربي الاشتراكي ودولة العراق المنبثقة من بؤر
التحدي. سلطنا على العراق وسلط معنا المستفيدون إسلام خميني وخوف العقال
الخليجي وجبنه وعثمانية تركيا ونزوة السلطة المجنونة والثأر البغيض عند
مَن غادر العراق مهزوما من ظواهر التعليم والعلم وارتقاء الخدمات وانتشار
المصانع والجامعات ليتجند في مغارات الجاسوسية ويتطوع في كتائب خدم الموز
والتفاح والليل الأحمر والأذرع الزانية ليعود بعد ذلك مع الفاتحين
الصهاينة والأمريكان وأحفاد كسرى وخميني وأذناب الشعوبية وأراذل الولاء
العثماني الميت من دهور حين غزت بغداد لتطيح ببادرة الرجاء العربي التي
نهضت من العراق كتيار يعاكس سير الاستسلام.. فخسرنا العراق وصدام والبعث
وسابت بعض مفاصلنا تمتدح العقال الدولاري والثوب الفضفاض الرازح تحت رحمة
المدح الذليل المرتزق...
هدرنا أموالا وثروات ومصادر عيش رغيد وأرزاق وفيرة مما يكفي لإعالة قارات
بيضاء وصفراء وسمراء دون أن ننبس ببنت شفة، بل وخيّطنا الشفاه المتحركة
والألسن البارعة حياءا من المستثمرين وعشقا لسلامة الكراسي وأمن القصور
وخدر الغانيات ودفئ ليالينا الحالمة بالجنس وعبّاده والغرام وشعراءه
والمال والثروة المتعطشة لجوع الشعب وهتك أعراض العامة..
أزهقت منّا ملايين الأرواح على مذابح الفداء لأعدائنا والمعتاشين
والمقتاتين على بروتينات ونشويات أكبادنا وما زلنا لكي نبرهن للشعب
العربي عجزه ولكي يقبل البقاء راقدا لا يتعلم ولا ينتج وان تعلم أو أنتج
فضمن قافلة سقط المتاع والمتردي.
افتقدنا عناصر الهبّة والانتفاض على عوامل تركيعنا وتجويعنا وتجهيلنا
وتهميش حضورنا ووجودنا وخفض درجة قيمة كينونتنا حتى خيل إننا لن ندرك
أبدا عوامل الثورة رغم إننا ننظر لها ونجدد مفاهيمها ونحث أدواتها وندرك
يقينا إنها لا يجب أن تكون أي شئ إلا عربية لا عثمانية ولا صفوية لا
غربية ولا صينية وهذا الإدراك لا يعني أبدا إننا نرجسيون شعوبيون، بل
يعني إننا نريد أن نستر عورتنا قبل أن نتبرع بأطنان الذهب لمَن هبّ
ودب.... نعم نحن نفهم بعمق كل ثوابت الثورة ومستلزماتها الفكرية
والوسائلية وندرك دون أدنى شك إنها يجب أن تحصل في حياتنا العتيقة
والمتجددة على حد سواء في تونس الخضراء ومصر الكنانة لتصحيح المسارات
التي ما اتضحت لحد الآن، وفي سوريا واليمن لإنتاج المبررات التي تجعلنا
نؤمن بأنها ثورة بلا عوامل ردة وانتكاس وفي العراق على إنها مقاومة وليس
تحريك بيادق ووزراء على رقعة الشطرنج الأمريكية الحمراء بنقيع الدم وفي
ليبيا لطرد الناتو وثواره ومنتجاته التدميرية وفي الأردن والخليج لإنتاج
أنظمة تجيد القراءة والكتابة وتعرف الفرق بين استصلاح أرض وتأسيس مزرعة
وبناء مصنع ينتج وبين بناء ناطحة سحاب تسقط في أول إعصار اقتصادي يحركه
وول ستريت !!..
ومع واقع السبات والماحل كنّا وما زلنا لا نغادر الأمل أبدا.. كنّا وما
زلنا نحرض ونثقف ونوعي أنفسنا والآخرين ويحرك بعضنا الرجاء في الأعضاء
والأوصال التي طالها التيبس.. كنّا, بعضنا, ولما يزل يقارع الإحباط
والتيئيس ويستعين بأهل الصين يقترض منهم شمعة لينير الزاوية التي تحتويه
ويحتويها بعد أن ذبح حكامنا الخونة صدام حسين والشموع والسيوف والرايات
التي وضعها في أكفنا ورسم بها واقعا آخر اقرب إلى ثوابتنا وكبرياءنا
وشجاعتنا وبعد أن اجتثثننا مع بريمر حزب البعث العربي الاشتراكي لنربي
على أنقاضه خنازير الطوائف وقردة الشعوبية وأنذال العولمة الدينية التي
تهشم عظامنا أمة وأوطانا وعوائل وأفراد.
ذبحنا صدام والعراق لأنه انتصر بنا ولنا لأول مرة،
ذبحنا صدام والعراق لأنه وضع الإنسان هدفا وغاية،
ذبحنا العراق وصدام لأنه أحرج كياناتنا المنبطحة المستسلمة،
ذبحنا العراق وصدام حسين لأنه أمّم النفط ووضع الصهيونية وكيانها هدفا
لطاقاتنا المنبثقة من رحم الثورة الحقيقية،
ذبحنا العراق وصدام حسين لأنه بنى أعظم قوة عسكرية في تاريخنا كله،
نعم .. لقد أفقنا أخيرا من السبات غير أن جلّ غيثنا جاء حامضيا يقتل
الزرع ويسمم الضرع .. نعم لقد وقعنا بين الماحل والمطر الحمضي غير إننا
إزاء حالة انبعاث حقيقية هي التعبير عن رد فعل ما عاد بوسعنا إلا أن
نعانقه رغم أن الوهن والوسن اللعين ما زال يغشي أبصارنا. إن امتنا تنهض
من بين جفاف الماحل وتقريح المطر الحامضي ترسم طريقها رغم الردى لأنها
امة اصيلة عريقة مؤمنة ثائرة وقدرها أن تنهض بعد عقود أو حتى قرون من
السبات والتصحر. ومَن لا يصدق ما أقوله فليسأل ثوار العراق الذين يحملون
البندقية ولا يعبهون برواد الانترنيت، وهم يتفلسفون ويظهرون قدراتهم
الإنشائية في شتم الأمس والماحل دون أن يدركوا وسيلة واقعية واحدة لمنع
وقوع الحدث الاستعماري ولا وقوع كوارث التشظية بالطوائف والشوفينية
العرقية.. ثوار الانترنيت هم الماحل والتيبس والتصحر والمطر القاتل حين
يكون جلّ غاياتهم المعلنة وفكرهم المتقد إلغاء دور البندقية في التحرر
والتحرير وطرد الغاصب.
وستبقى أمتنا ولود تلد المطر والغيث والمياه الفراتية التي بها تزرع
وتتغذى وتنتج منها البارود عماد الثورة وضمان فوزها .. ستبقى أمتنا قادرة
على الخروج من مطرقة الماحل وسندان المطر الحمضي بعون الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق